الوضع المظلم
السبت ٠٩ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
ليبيا ودبيبة.. إخفاقات قد تقود إلى تونس ثانية
دبيبة - ليبيا وتونس

بعد سنوات من حكم إدارتين متحاربتين، إحداهما في شرق البلاد والأخرى في غربها، تسلمت في منتصف شهر مارس الماضي، الحكومة الليبية المؤقتة، برئاسة عبد الحميد دبيبة، السلطة، وبدأت رسمياً ممارسة مهامها وأعمالها بعد نيلها ثقة البرلمان، مانحةً الليبيين بعض الأمل في الخروج من الأزمة والفوضى التي تعيش فيها البلاد منذ عقد.


لكن لا يبدو أن تلك الآمال، قد وجدت من يحققها، إذ لا يبدو أن دبيبة كان قادراً على التخلص من خلفيته المتأثرة بالعلاقة مع أنقرة والإخوان، بدليل ما طالب به 11 نائباً، في السابع عشر من أغسطس الجاري، بسحب الثقة منها بسبب "استمرارها في إهدار المال العام خارج البلاد، وعدم تنفيذ تعهداتها بتحسين الخدمات العامة داخل ليبيا، إلى جانب تجاوز صلاحياتها وتدخلها في المجال العسكري". مشيرين إلى أن الحكومة "أصبحت تمثل عبئاً على المواطن الليبي نتيجة مصروفاتها العالية"، لافتين إلى أن "غياب التنسيق والإدارة، الذي لازم الحكومة منذ تشكيلها، يثبت فشلها في إدارة الدولة وفي تحقيق جزء يسير من احتياجات المواطن".


29 نائباً ليبياً يطالبون بسحب الثقة من حكومة الدبيبة

موقف دبيبة من المرتزقة


تلميحات النواب، حملت تشكيكاً بجهود دبيبة، الذي يبدو أن أقواله وأفعاله غير متطابقة تماماً، فدبيبة يرى أن استمرار وجود المرتزقة والمقاتلين الأجانب على الأراضي الليبية أمر مرفوض، وقد طالب في الخامس عشر من يوليو الماضي، بانسحاب المرتزقة الفوري وبشكل متزامن، وقال إن استمرار وجود المرتزقة والمقاتلين الأجانب يشكل خطراً حقيقياً أمام العملية السياسية، وجهود استمرار وقف إطلاق النار، واستكمال توحيد المؤسسة العسكرية.


اقرأ أيضاً: حرائق تركيا.. محاولات للاستغلال السياسي وأخرى للتنصّل

إلا أن تلك التصريحات لا يبدو أنها انعكاس حقيقي لما ينبغي للحكومة تنفيذه، إذ كان لا بد لها من مطالبة الأطراف التي أرسلت المرتزقة إلى ليبيا، وعلى رأسهم تركيا، التي أرسلت قطعان من المرتزقة السوريين من مسلحي "الجيش الوطني السوري"، للقتال في ليبيا إلى جانب المليشيات الإخوانية في طرابلس، بجانب مطالبة روسيا بذلك، إن كانت تملك أدلة وبراهين على وجود مرتزقة تابعين لها بشكل فعلي، بدلاً من انتظار المجتمع الدولي لتحقيق ذلك، رغم مرور قرابة الخمس أشهر على حكمها.


الموقفان الروسي والتركي من ليبيا


روسيا أعربت في ذات اليوم (15 يوليو)، عن قلقها إزاء الحضور العسكري الأجنبي في ليبيا، داعية لخروج متزامن لجميع القوات والفصائل الأجنبية من هناك، وفق ما ذهب إليه النائب الأول لمندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة، دميتري بوليانسكي، عندما قال إن "ما يعتبر قضية بالغة الأهمية اليوم هو الحضور العسكري الأجنبي" في ليبيا، متابعاً: "ندعو لخروج تدريجي ومتزامن لكافة القوات والفصائل الأجنبية من ليبيا"، وهو ما يشير إلى أن المعضلة الأساسية في تركيا، التي سبق وأعلنت عن نواياها للبقاء في ليبيا، بحجة مذكرة تفاهم للتعاون الأمني والعسكري التي وقعتها مع حكومة الوفاق، في 27 نوفمبر 2019، بإسطنبول.


اقرأ أيضاً: قطر وطالبان.. علاقة تطرف وطيدة يُستغرب من استغرابها

أما تركيا التي زارها دبيبة في السابع من أغسطس الجاري، مجتمعاً بأردوغان، فقد قال وزير دفاعها خلوصي أكار عقب المباحثات، إن الجنود الأتراك يواصلون أنشطتهم في ليبيا بدعوة من الحكومة الشرعية (حكومة الوفاق السابقة) وبالتالي هم ليسوا أجانب على أرض ليبيا (على حد زعمه)، مضيفاً أن تركيا ستواصل الوقوف إلى جانب أشقائها الليبيين ودعمهم، وينبغي على الجميع إدراك وجود تعاون عسكري وتعليمي واستشارات تقدمها تركيا لصالح الحكومة، وفقاً للتفاهمات بين الطرفين، واصفاً المطالبات بسحب القوات التركية بـ"حملات التشهير"، في تأكيد جلي على فرض الهيمنة والاستيلاء العسكري التركي على الأرض الليبية.


احتمالات تجدد الحرب الأهلية في ليبيا


ومع إخفاق حكومة دبيبة في توحيد المؤسسة العسكرية الليبية، وبقاء المناصب رئيسية شاغرة بفعل عدم وجود رغبة حقيقة في رأب الصدع الليبي، حذرت اللجنة العسكرية المشتركة "5+5"، في السابع عشر من أغسطس، من أن عدم تعيين وزير للدفاع، قد يؤدي إلى خرق اتفاق وقف إطلاق النار وتجدد الحرب، معلنةً أنها لن تتحمل مسؤولية عدم تعيين وزير للدفاع وما يترتب على ذلك "نظراً لخطورة الوضع الحالي الذي قد يؤدي إلى خرق اتفاق وقف إطلاق النار واندلاع الحرب من جديد".


اقرأ أيضاً: مطار كابل والأتراك.. مخططات للتمدد والسيطرة لا توافق بيدر طالبان

وأفادت اللجنة العسكرية المشتركة "5+5" في خطاب وجهته إلى رئيس مجلس النواب ورئيس المجلس الرئاسي ورئيس حكومة الوحدة الوطنية، بأنها خاطبتهم "أكثر من مرة بشأن سرعة تعيين الوزير، وكررت المطالبة عدة مرات من خلال البيانات الصادرة عقب اجتماعات اللجنة، ولم تتم الاستجابة إلى الطلب".


كما خاطبت اللجنة، المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية المؤقتة، بضرورة تجميد الاتفاقات العسكرية ومذكرات التفاهم لأي دولة أياً كانت، حسب ما ورد في بنود اتفاق وقف إطلاق النار الموقع في جنيف، في إشارة جلية إلى تركيا، التي ترفض الالتزام بأي مطالبات ليبية تدعو إلى خروجها من أراضي البلاد.


ليبيا والنموذج التونسي


وعوضاً عن مسارعة دبيبة لتلبية نداء الواجب الليبية، وضع شروطاً للقاء مع قائد "الجيش الوطني الليبي" المشير خليفة حفتر، إذ أشار في مقابلة عرضتها وكالة "بلومبرغ" الأمريكية، في العشرين من أغسطس، إلى أنه تواصل مع حفتر بصورة غير مباشرة فقط في مستهل ولايته، بغية حل بعض المسائل، منها تبادل الأسرى، زاعماً أن التصريحات التي جاءت على لسان قائد "الجيش الوطني"، في الآونة الأخيرة، لا تبعث على التفاؤل، قائلاً إنه لا يعارض لقاء حفتر، إذا اعترف قائد "الجيش الوطني"، به كرئيس للحكومة ووزير للدفاع.


اقرأ أيضاً: معقداً مهامها.. إخفاق أمريكي في الشرخ بين بكين وطهران

لكن تلك المماطلة والاشتراطات، قد ترتد على دبيبة بالسلب، عبر تطبيق نموذج مشابه للأحداث في تونس، وهو ما أشار إليه عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب الليبي، في السادس والعشرين من أغسطس، خلال تصريحات لـموقع قناة "العربية"، عندما قال إنه سيجري سحب الثقة من حكومة دبيبة، إذا لم تحضر جلسة استجواب يحضّر لها البرلمان الليبي.


ليفانت-خاص

إعداد وتحرير: أحمد قطمة

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!