-
محاولة باشاغا لدخول طرابلس.. إنذار بمواجهات مسلحة يفاقم الوضع في ليبيا
بينما نفى المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة الليبية المكلف، فتحي باشاغا، البيان المنسوب له بتقديم استقالته إلى رئيس مجلس النواب، المستشار عقيلة صالح،إذ ثمة حقيقة مفادها أن تعقد الأزمة الليببة يمثل في أحد أبرز مرتكزاتها الرئيسة عدم إنهاء انتشار السلاح كحالة سياسية مزمنة، ووجوده خارج أطر الدولة، وتمدد ولاء الميلشيات والكتائب عبر القوى الفاعلة والوازنة سياسياً.
رئيس حكومة الاستقرار أعلن، مساء الاثنين، السادس عشر من شهر أيار/ مايو الجاري، نجاحه في دخول العاصمة الليببة طرابلس، وذلك برفقة عدد من وزراء حكومته، غير أن ساعات الليل وهي تطوي غيوم الظلام كشفت عن اصطدام الميليشيات الموالية لحكومة الوحدة الوطنية بهدف المحافظة على السلطة لرئيس الحكومة، عبد الحميد الدبيبة، الذي يرى أن حضوره في العاصمة ينبغي أن يظل حصيناً بقوة السلاح والألوية التابعة له. الأمر الذي تبدى واضحاً في المسح الميداني الذي نفذه اللواء 444 في أحياء وشوارع العاصمة مع جولة ميدانية للدبيبة، بغية تعليق حضوره وتكريس صورة هيمنته على العاصمة طرابلس.
مرة جديدة، تبدو الأرتال العسكرية في العاصمة الليبية خارج أطر السيطرة في سياق الصراع بين الحكومة المكلفة وحكومة الوحدة الوطنية. بينما اجتماعات المسار الدستوري في القاهرة عبر الجولة الثانية برعاية ستيفاني ويليامز تمضي في يوم جديد نحو إقرار القاعدة الدستورية التي من خلالها قد يبدو الاستحقاق الانتخابي حاضراً ومستحقاً في موعد معلوم. غير أن الوصول إلى تلك اللحظة المرتقبة يحتاج إلى الكثير من العمل على كافة المستويات، محلياً وإقليمياً ودولياً.
تعقد مسارات الصراع والأزمة على الأراضي الأوكرانية، وتعثّر الجيش الروسي في تنفيذ مهامه الاستراتيجية، في وقت قصير، منذ بدء العمليات العسكرية، أواخر شهر شباط/ فبراير الماضي، دفع الجميع إلى نسج تصوراته الذهنية ورسم سيناريوهات المستقبل على تخوم نظام دولي بدا للبعض أنه يحتضر، أو طلب المثول أمام هيئة المحدثين. غير أن واقع الأمر يشي بكثير من الواقعية السياسية وأن هناك على ساحل البحر المتوسط (جيباً حيوياً يتاخم أوروبا) بقعة ساخنة لطالما كانت مؤثرة في النظام الدولي واستقراره عبر أكثر من محور.
ليبيا التي تقع شواطئها على البحر المتوسط بينما أمست تعكس جانباً لافتاً من الصراع بين الغرب، وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، من جانب آخر، ترى الأخيرة أن ليبيا نقطة محورية ذات قيمة في الجغرافيا السياسية من أجل الضغط على الناتو. كما قد تبدو مخاصمة الحقيقة أمراً جلياً عند فحص وتدقيق ملامح الاتجاهات الخاصة بالأجسام التشريعية في ليبيا نحو القوى الدولية، خاصة مع حالة الارتباك الواضحة في العلاقات الدولية والتي تزايدت مع تفجر البارود ببن روسيا وأوكرانيا.
مجلس النواب الليبي وغريمه المجلس الأعلى للدولة الذي يصارع الأول في حق التشريع، يجتمعان في القاهرة برعاية مستشار الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفاني ويليامز، بعدما اجتمعت والمستشار عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، بالعاصمة المصرية. واللقاء تناول مستجدات الأوضاع في ليبيا، بينما بحث الجانبان خلاله المسار الدستوري، ومساعي الوصول إلى تعديل النقاط الخلافية بمسودة الدستور ضمن اجتماعات القاهرة، التي تعقد بين لجنتي مجلس النواب والدولة برعاية بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا.
وبحسب المتحدّث الرسمي لرئيس مجلس النواب الليبي، فإن اللقاء تناول أيضاً ملف السلطة التنفيذية والميزانية العامة للدولة للعام الجاري المقدمة من الحكومة، بالإضافة إلى عقد مجلس النواب جلسة رسمية خلال الفترة المقبلة في مدينة سرت، وفقاً لما أقرّه المجلس في جلسته الأخيرة، الأسبوع الماضي، دعماً لعمل الحكومة من هناك حتى تتمكن من العمل بحرية بعيداً عن سطوة المليشيات المسلحة أو غيرها.
جاء الاجتماع في الوقت الذي يتحرك فيه مجلس النواب للضغط على ممثلي الجانب الغربي من خلال طلب تغيير مستشارة الأمين العام التي تنتهي فترة تمثيلها في ليبيا، خلال نهاية شهر تموز/ يوليو القادم، فضلاً عن قرار رئيس مجلس النواب بتجميد عائدات النفط وموافقة واشنطن على ذلك. الأمر الذي ينبغي فهمه على النحو الذي يفصل تموضع الحكومة المكلفة في مدينة سرت برضا وقبول غربي أمريكي.
ومن ناحية أخرى، تسعى واشنطن نحو تحييد ولاءات موسكو، خاصة في تعاطيها مع الأطراف التي تقف على نقيض مصالح الولايات المتحدة بليبيا، بينما يظل كرسي مستشار الأمين العام للأمم المتحدة في جانب الولايات المتحدة.
تعكس طلقات الأمس التي دوت في العاصمة الليبية، بينما خلفت إصابات وخسائر في ممتلكات المواطنين، بحسب مصادر محلية، حالة تشتت القوى الدولية والإقليمية وصراع أهدافها صوب الأزمة الليبية.
تدرك القاهرة، التي تستضيف الجولة الثانية من اجتماعات اللجنة الدستورية المشتركة لمناقشة المواد الخلافية لإرساء قاعدة دستورية، تؤسس للاستحقاق الانتخابي الرئاسي والبرلماني، أن هدوء المشهد الليبي والدخول ضمن حزمة الدولة المستقرة هو أحد أهم أهداف الدولة المصرية التي تتاخم ليبيا في حدود مشتركة يصل طولها نحو ألف ومائتي كم.
كما أن ذلك ينبغي أن يتحقق عبر الخروج الكامل لكافة الميلشيات المسلحة التي تعمل خارج دولاب الدولة، وجيشها النظامي، وحصر استخدام السلاح خارج هذه المنظومة، ثم توحيد المؤسسات التشريعية والمالية، الأمر الذي يضحى معه الاستحقاق الانتخابي ركيزة أساسية للاستقرار في المشهد الليبي.
يأتي ذلك كله في إطار تحرك محور آخر، الجزائر/ أنقرة، والذي تبدى في اللقاء الذي جمع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بالرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، في العاصمة التركية مطلع الأسبوع الحالي.
الجزائر التي تشترك مع ليبيا بحدود تصل لقرابة تسعمائة كم، تناقش الأزمة الليببة مع أحد أهم الأطراف الذي تسبب في توتر وتعمق الأزمة، بينما تدخل عسكرياً وميدانياً في الغرب الليبي، رغم أنه يبتعد عن الحدود الليبية آلاف الكيلومترات.
الإعلان المشترك الذي ظهر في المؤتمر الصحفي للرئيسين الجزائري والتركي، أكد من خلاله على ضرورة تسوية الأزمة الليبية عبر الانتخابات لعودة السلطة للشعب الليبي. وعلى خلفية ذلك كله يبدو واضحاً أمام الجميع أن الانتخابات هي مطلب رئيس لكافة الأطراف، سواء محلياً في الداخل الليبي، وكذا إقليمياً ودولياً. غير أن الوصول إلى هذا الهدف المتفق عليه يحتاج، أولاً، إلى التوافق على المسار الذي يفضي إليه هذا الاستحقاق وقبول ما ينتج عنه.
ليفانت – رامي شفيق
قد تحب أيضا
كاريكاتير
من وحي الساحات في سوريا
- December 19, 2024
من وحي الساحات في سوريا
ليفانت-خاص
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!