-
من هم المرتزقة السوريين المقاتلين بجانب تركيا.. أهدافهم هويتهم ونهجهم؟
باتت قضية المرتزقة السوريين المقاتلين بجانب تركيا في ليبيا تشكل نقطة مهمة بالنسبة للصحف العالمية، حيث نشرت صحيفة "نيويورك ريفيو" شهادات وحوارات مع مقاتلين سوريين ينتمون لفصائل موالية لأنقرة، الذين تحولوا تحت الإدارة التركية إلى أداة للأهداف التركية التي أصبحت على توافق مع روسيا في تلك المناطق، مما سبب تحديات كبيرة للمقاتلين.
نشرت الكاتبة والباحثة، إليزابيث تسوركوف، تقريراً مفصلاً عن هوية المقاتلين بجانب تركيا، وعن
أهدافهم السياسي، والذين نهجوا طريق الفوضى والجريمة بحكم صغر سنهم أو فقرهم أو عدم إيمانهم بقضيتهم.
علم تركي صغير في المكتب
كما وصفت الكاتبة أحد مشاهداتها خلال اجتماعها مع فصيل مدعوم من أنقرة في 2019، وتحدثت عن علم تركي صغير كان موجوداً على مكتب الفصيل المدعوم من أنقرة في منطقة سكنية لشانلي أورفا، في جنوب تركيا. وكان الرجال في الغرفة، معظمهم من قدامى المقاتلين من شرق سوريا.
وتقول هنا إليزابيث تسوركوف: "كانوا يتوقعون حضوري وبحثوا عن علم الثورة السورية في اجتماعنا في صيف عام 2019. لم يتمكنوا من العثور على واحد كل شيء في الاجتماع، موقعه، ديكور، والمحتوى ، يشير إلى أن الرجال في الغرفة لم يكونوا هم المسؤولون. كانوا يأملون قريباً في شن هجوم على شمال شرقي سوريا، لكن لم يكن لديهم فكرة متى لأن صناع القرار المسؤولون الأتراك هم صاحب الشأن ومن يعطي لهم الأوامر".
كما تحدث التقرير عن أن أعلى اهتمامات أنقرة منع دخول المزيد من اللاجئين السوريين والرغبة في مكافحة وحدات حماية الشعب الكردية، وقوات سوريا الديمقراطية/قسد.
فيحين، تعتبر أنقرة وحدات حماية الشعب الكردية فرع من الحركة المسلحة التابعة للزعيم الكردي المسجون، عبد الله أوجلان، وشنت تمرداً دموياً ضد تركيا منذ 1980. ولأن "قسد" عملت مع الولايات المتحدة في الحملة العسكرية ضد تنظيم "داعش" في سوريا فإن أنقرة تنظر بقلق متزايد خشية تزايد سيطرتها على مساحات واسعة في سوريا.
وتتابع الكاتبة: "بالفعل، في أغسطس 2016، قررت تركيا اتخاذ إجراءات لمنع الوحدات الكردية من وضع اثنين من الجيوب تحت سيطرتها، عفرين ومنبج في حلب، وطرد ما تبقى من جيوب مقاتلي "داعش" من هذه المنطقة الحدودية.
وكانت تلك العملية، التي يطلق عليها اسم "درع الفرات"، أول عملية تنشر فيها تركيا فصائل موالية لها. وفي العملية الثانية أوائل عام 2018، وتسمى "غصن الزيتون"، كلفت هذه الفصائل بطرد الوحدات الكردية من عفرين وإخضاعها لسيطرة تركيا وفصائلها السورية.
وفي أحدث عملية شنت تركيا هجوماً على شمال شرقي سوريا، وذلك بعد أن أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب انسحاب القوات الأميركية المتمركزة بالقرب من الحدود السورية مع تركيا التي كانت تعمل مع القوات الكردية. وسعت تركيا إلى الاستفادة من غياب حماية الأميركيين للوحدات الكردية عن طريق بدء عملية لطردهم من شمال شرقي سوريا.
سمعة سيئة
بقيادة تركية بدأ الغزو الذي استهدف القوات الكردية بدعم من الفصائل السورية الموالية لتركيا، وبسرعة اكتسبت سمعة سيئة بعد أن تم تصوير أعضائها في سلسلة فيديوهات أظهرتهم يرددون الشعارات المتطرفة وتنفيذ إعدامات ميدانية.
فيما وصف أحد مسؤولي الولايات المتحدة الفصائل الموالية لأنقرة بأنهم "بلطجية وقطاع طرق".
كما يرى التقرير أن العملية التركية الأخيرة أجبرات الوحدات الكردية على التخلي عن مساحات كبيرة من شمال شرقي سوريا لصالح قوات النظام السوري، وهكذا ساعد هؤلاء المقاتلون الأسد على استعادة أراضٍ شاسعة دون إطلاق رصاصة واحدة.
من هم الذين يقاتلون في سوريا نيابة عن تركيا؟
ولكن من هم بالضبط هؤلاء السوريون الذين يقاتلون في سوريا نيابة عن تركيا، وعددهم ما يقرب من 35 ألف رجل سوري؟
هنا تروي الكاتبة إليزابيث تسوركوف، فتقول: "لقد حافظت على اتصال منتظم مع بعض هؤلاء المقاتلين منذ وقت مبكر من 2014. ومعظمهم من العرب السنة الذين شردوا من ديارهم أثناء الحرب، أجريت عدة مقابلات عن طريق الهاتف والرسائل الفورية وأخرى وجهاً لوجه في تركيا مع هؤلاء المقاتلين منذ عام 2014 وتكشف لي أنهم فرق متنافرة، عانوا من أهوال الحرب، معظمهم فقراء، دفعتهم الحاجة إلى القتال في صف تركيا لتحقيق مكاسب مالية.
وتتابع: "بعض من هؤلاء المقاتلين انضم إلى الفصائل من أجل السرقة والنهب وهناك آخرون لم يكن لديهم هذا الدافع وأدركوا أن مصالح تركيا لا تتماشى مع آمالهم من إسقاط نظام الأسد، كما أن أنقرة أرسلت إشارات إلى استعدادها للتعاون مع نظام الأسد. ووجدت أفرادا يكافحون من أجل ترشيد وتبرير أعمالهم وانتمائهم إلى هذه الفصائل، التي يحتقرها كثيرا إخوانهم السوريون، لا سيما المدنيون الذين يعيشون تحت حكمهم".
منع التصادم مع نظام الأسد
هذا ويؤكد التقرير أن الفصائل التي تدعمها تركيا لا تحارب نظام الأسد وشملت جميع العمليات الثلاث التي نفذتها تركيا ترتيبات "منع التصادم" مع روسيا (وبالتالي مع نظام الأسد) فيما لا تزال هذه الترتيبات مستمرة.. فالمناطق الخاضعة لقوات السوريين التابعين لتركيا لا يقصفها نظام الأسد أو روسيا، خلافا للمناطق التي يسيطر عليها المعارضة السورية.
وبحسب التقرير فإن تركيا هي الآمرة على وكيلها السوري في استخدام القوة والأعمال العسكرية، وتقدم أنقرة مرتبات المقاتلين وتقوم بتدريبهم والإشراف عليهم في المعارك.
"مقاتلون وقادة كالحمير"
كما تروي الكاتبة إليزابيث تسوركوف مشاهدة حقيقية، وتقول: "من نقطة تفتيش يشرف عليها في مدينة تل أبيض، مقاتل من فيلق المجد التابع للفصائل الموالية لأنقرة من إدلب واسمه محمد (أسماء جميع السوريين في هذا المقال تم تغييرها لحمايتهم من الانتقام)، وقال لي: "المقاتلون هنا مثل الحمير يتبعون قادتهم والقادة أيضا حمير، يتبعون الأوامر التركية وحتى لو كانت تضر بمصالح الثورة، فهم لا يهتمون".
وتابع: "كل القرارات الكبيرة والصغيرة، في الفصائل الموالية لأنقرة تأتي من قبل غرفة العمليات التي تديرها المخابرات التركية".
فيما أكد مازن المخضرم من ثوار الرستن في ريف حمص الشمالي، ويقاتل الآن مع الفصائل الموالية لأنقرة أن اتخاذ القرار خرج من أيدي القادة السوريين، وهو ما ردده جميع من أجريت معهم مقابلات.
مرتبات.. وإغراءات
وبحسب التقرير فإن المقاتلين الذين يدعمهم الأتراك هم خليط من المقاتلين السابقين والمجندين حديثاً، وتولت تركيا دفع مرتبات المقاتلين قبل عملية عام 2016 وزادت رتبهم بشكل كبير، حيث زادت الفصائل من العشرات والمئات من المقاتلين إلى الآلاف.
ويؤكد التقرير أن المجندين بعد عام 2015 غالباً أصغر سنا، ويتم إغراؤهم للانضمام إلى هذه الفصائل الموالية لأنقرة بالأجور المعروضة، وقد جند العديد منهم كقاصرين، بوصفهم لاجئين شبان معدمين يعيشون في تركيا ولم يكملوا حتى التعليم الابتدائي، حيث توقف نتيجة للحرب.
وتشير إليزابيث تسوركوف إلى أن غالبية المقاتلين اليوم هم من المجندين الجدد، دون أي خبرة سابقة في محاربة نظام الأسد. وتقول: "المقاتلون والقادة في صفوف الفصائل الموالية لأنقرة ممن التقيتهم جندوا في 2016، ثم في آخر حملة عام 2018 قبل غزو عفرين، وهم يشكلون 60% من القوة".
فيما قال مصطفى وهو قائد لواء حمزة – فصيل موالٍ لأنقرة - إنه انضم إلى المعارضة المسلحة السورية في عام 2013، وكان في سن الرابعة عشرة.
فقر وتشرد
وبحسب الكاتبة فإن المقاتلين الموالين لأنقرة هم في غالبيتهم من الرجال السنة من ذوي الخلفيات المتواضعة، وكلهم تقريبا فقدوا بيوتهم وأقاربهم وأصدقاءهم بسبب نظام الأسد، وعدد قليل منهم لحق بداعش وقوات الحماية الكردية. وغالبيتهم من المشردين داخليا، من جميع محافظات سوريا ويعيشون الآن في مساحة ضيقة من الأراضي على طول الحدود التركية السورية.
ويذكر التقرير أن 83% من السوريين يعيشون الآن تحت خط الفقر بـ 6 دولارات في اليوم الواحد، والنازحون يعانون بشكل خاص فقد انقطعوا من مصادر الدخل التقليدية، مثل العمل في المزارع أو المحلات التجارية العائلية، وعليهم أن يدعموا المحيط الذي يعيشون فيه حاليا، وعليهم أن يدفعوا الإيجار وهذا يزيد من احتمال انضمام المهجرين إلى الفصائل المسلحة.
300 دولار في الشهر
وتذكر الكاتبة إليزابيث تسوركوف أن تركيا قبل عملية درع الفرات كانت تدفع رواتب عالية إلى المقاتلين تبلغ 300 دولار في الشهر تدفع لهم بالليرة التركية. وبمرور الوقت، انخفضت المرتبات.
وبحلول بداية عام 2019 ، خفضت المرتبات إلى حوالي 100 دولار موزعة كل سبعة إلى ثمانية أسابيع. أما الآن معدل ما تدفعه تركيا حوالي 50 دولارا في الشهر لا تكفي حتى لتغطية الضروريات الأساسية، لذلك يعتمد المقاتلون عادة على أخذ قروض من الأسرة ويضطر بعضهم إلى أنشطة إجرامية مثل النهب لتغطية نفقاتهم. أما القادة وفقاً لمحاسب يعمل مع الفصائل الموالية لأنقرة في فصيل يعرف باسم لواء المعتصم قال، يحصلون على الأقل 300 دولار شهريا. وفق ما ذكره التقرير.
انعدام القانون
هذا وترتبط إدارة المناطق الخاضعة للفصائل الموالية لأنقرة في شمال حلب والمناطق التي تم الاستيلاء عليها حديثاً في شمال الرقة وحسكة ارتباطا وثيقا بتركيا، وتدفع تركيا رواتب المستشارين والمدرسين والأطباء المحليين، بالإضافة إلى رواتب الشرطة المحلية والشرطة العسكرية والفصائل المسلحة. ورغم وجود قوة شرطة عسكرية في المنطقة ، فإنها عاجزة عن منع انتهاكات المدنيين التي يرتكبها المقاتلون أو الاقتتال الداخلي بين الفصائل. ويتفشى انعدام القانون، ويواجه عدد قليل من المقاتلين المحاسبة على تعدياتهم، بحسب ما ذكرته الكاتبة.
من جانبه يقول "أيمن" الذي يعمل في الشرطة العسكرية في عفرين، أن عدداً من المقاتلين قد يعاقب على السرقة في المحاكم العسكرية، ولكن عندما يتعلق الأمر بالقادة "هذا مستحيل... الفصائل أقوى من الشرطة العسكرية"، وإذا حاول أعضاء الشرطة القبض على القادة ، قال "سيقابلون بالقوة".
وتتابع الكاتبة بالقول: "على الرغم من أن جميع الأطراف المسلحة في سوريا قد تورطوا في انتهاكات ضد المدنيين إلا أن المناطق الواقعة تحت حكم الفصائل الموالية لأنقرة مرتفعة بشكل خاص وفقا للمدنيين الذين تحدثت معهم ويعيشون هناك".
سرقة ونهب.. وفدية
ويكشف التقرير كيف يرفع المقاتلون أجورهم الضئيلة من خلال تنفيذ مخططات مختلفة، مثل السيطرة على نقاط التفتيش الدائمة بين المناطق ويتعين على السيارات التي تمر عبر نقاط التفتيش هذه أن تدفع للحراس، إما نقدا أو بوسائل أخرى. فتلك التي تنقل العلاجات والإسعاف على سبيل المثال تدفع للمقاتلين بمنحهم من البضائع التي ينقلونها.
أما السبل الأخرى التي تحقق لهم الربح، بالإضافة إلى نقاط التفتيش القائمة، يقيم المقاتلون أيضا نقاط تفتيش مؤقتة ويبتزون المارة. فقادة الفصائل الموالية لأنقرة يطلبون المال من الشركات مقابل الحماية، "مثل وكلاء السيارات أصحاب المطاعم وباعة الذهب وأصحاب المصانع. إنهم مثل المافيا، كما يقول محسن وهو من المقاتلين في مدينة حلب. وتقوم بعض الجماعات باختطاف المدنيين، وهم عادة من الأفراد الموسرين أو الذين لهم أقارب في الخارج ، ويطلب منهم دفع فدية".
في حين أن انتهاكات الفصائل الموالية لأنقرة تنتشر عبر المناطق التي تسيطر عليها القوات الكردية الذين بقوا في عفرين. وبعد كل عملية من العمليات ينهب المقاتلون الممتلكات المدنية.
"هزمونا وأطلقوا النار"
ويقول منصور، قائد اللواء التاسع "في عفرين في عام 2018 كان النهب أوسع بكثير وأكثر تنظيماً من المعتاد. الكثير من الرجال كانوا ينهبون ولم أستطع إيقافهم ولم يتمكن الأتراك من إيقافهم أيضا". وتابع "إن اللصوص هزمونا وأطلقوا النار علينا".
خلال العملية العسكرية التركية في شمال شرقي سوريا حدث نزوح جماعي للمدنيين، ولعدم قدرتهم على العودة تجد الفصائل الموالية لأنقرة فرصة مربحة بمصادرة المنازل، ومن ثم الانتقال إليها أو تأجيرها إلى الأسر النازحة.
شهادة امرأة كردية
هذا وتروي (ديغلا)، وهي امرأة كردية لا تزال تعيش في عفرين، قصتها للكاتبة إليزابيث تسوركوف قائلة إنها محظوظة، على الرغم من اعتقالها بعد فترة وجيزة من استيلاء لواء السلطان مراد على المنطقة بدعم من تركيا.
وتتابع: "قلما تعرضوا لي مقابل نساء أخريات محتجزات معي"، مشيرة إلى أن "النساء في سن السبعين تعرضن للضرب والتعذيب"، وتعزو ديغلا ذلك إلى كونها خصما معروفا في حزب العمل الديمقراطي، الحزب السياسي المرتبط بالوحدات الكردية، التي حكمت المنطقة من قبل.
ومع ذلك، تم احتجاز (ديغلا) لمدة شهر وفي نهاية المطاف، عادت إلى عفرين ووجدت بيتها منهوبا.
مقاتلون في عمر الـ13.. ويتعاطون مخدرات
وتتابع: "الآن 90% من النساء الكرديات يرتدين الحجاب، خائفات من التعرض للمضايقة، لقد تعرضت للمضايقة والتهديد عدة مرات وما زلت لا أرتدي الحجاب في المدينة، لكن في الريف، حيث الوضع أسوأ، أرتديه".
كما تضيف: "هناك مقاتلون يبدون وكأنهم في السنة الثالثة عشرة يحذرونك من ارتداء ملابس لائقة، لكن في نفس الوقت، يتعاطون المخدرات ويفعلون أشياء محظورة"، وتتابع "نحن خائفون باستمرار.. يمكنهم اعتقالنا في أي لحظة لا يوجد قانون".
في حين أكدت أن الفصائل الموالية لأنقرة "يدخلون منزلك ولا يمكنك المقاومة" فالناس الذين يقاومون يتعرضون للضرب أو حتى للقتل، وقالت إنه لا توجد مساءلة لأن"الفصائل تهدد وتضرب الأشخاص الذين يقدمون شكاوى، ولذلك يفضل الناس التزام الصمت أو الفرار".
من جانبه، قال سامر وهو صحافي من إدلب إن عفرين كانت مكانا مليئا بالحياة قبل استيلاء تركيا عليها، وبعد استيلائهم عليها أصبحت المتاجر تغلق مبكرا وترى رسومات على جدران الفصائل المختلفة، تحدد منطقتهم.
انتهاكات لا تنتهي
فيما اعترف منتصر وهو مقاتل مع حمزة وشعبه وهم مجموعة متورطة في انتهاكات متعددة في عفرين، بأن مثل هذه الانتهاكات شائعة لكنه اللوم على الفصائل الأخرى.
وقال: "المدنيون يعانون على أيدي بعض الفصائل، بينما يعاملهم آخرون معاملة حسنة، (أحرار الشرقية) من الفصائل الموالية لأنقرة، إنهم متطرفون قذرون... إنهم يضطهدون المدنيين كثيرا".
الريف حول عفرين أكثر خرقا للقانون "في الليل ، هناك سرقات"، قالت: "يدخلون منزلك ولا يمكنك المقاومة" فالناس الذين يقاومون يتعرضون للضرب أو حتى للقتل". وقالت إنه لا توجد مساءلة لأن" الفصائل تهدد وتضرب الأشخاص الذين يقدمون شكاوى، ولذلك يفضل الناس التزام الصمت أو الفرار".
بدوره، قال محسن، الذي شارك في الهجوم على عفرين، إن السكان المحليين يخشون الفصائل ونتيجة لذلك "غادر معظم الشباب المنطقة، أما البقية، وهم أقلية، فقد تكيفوا مع الوضع".
وترى الكاتبة أن مقاتلي الفصائل يدركون مشكلة صورتهم العامة. وقال قاسم: "نشعر بالحرج من الانتماء إلى هذا الجانب، خاصة أنه لا يمكنك تغيير أي شيء"، سمعة بعض الفصائل مثل (أحرار الشرقية)، تتكون من مقاتلين من شرق سوريا، وخاصة من دير الزور، الفقيرة جدا حتى من المدنيين النازحين، ويعتقدون من لكنتك أنك من دير الزور، كما يقول خالد، وهو ناشط من شرق سوريا يعيش في الباب، موطن العديد من مقاتلي أحرار الشرقية.
يعملون في السجون والتعذيب
وفي بلدة مارع المقاتلون عادة محليون، وعلى علاقة طيبة مع السكان، كما يقول أيمن وهو ضابط من الشرطة العسكرية في الفصائل الموالية لأنقرة، ولكن في أماكن مثل إعزاز، والراي وجرابلس، وكذلك الباب عفرين فإن المقاتلين غالبا ما يكونون غرباء في هذه المدن ويعملون في السجون حيث التعذيب متفشٍ. وتتبادل الحسابات الشعبية في منصة تيلغرام، حسابات مثل الباب والكابوس وجرابلس بشكل روتيني تقارير عن التجاوزات التي ترتكبها الفصائل.
وفي صورتهم العامة التي يقدمها مقاتلو الفصائل الموالية لأنقرة أنفسهم بوصفهم "ثواراً يحاربون نظام الأسد"، إنما فيما بينهم يتهم هؤلاء آخرين يقاتلون معهم جنبا إلى جنب بأنهم جاءوا ببساطة من أجل المال، وبعضهم اعترف بذلك، مبررين ذلك لحاجتهم لتوفير الأكل والإيجار والكهرباء والماء لإعالة أسرهم. وفي حين أن أيا منهم لا يعترف بتورطه في أعمال خارجة عن القانون، فإنهم يتهمون مقاتلين آخرين في فصائلهم بالانضمام إليهم من أجل سرقة المدنيين والنهب دون عقاب.
وقال عبد الله، مقاتل مع لواء حمزة، إن بعض المقاتلين: "انضم فقط... لغنائم الحرب والمال، وإن الالتحاق بالمقاتلين هو أيضا شكل من أشكال الحماية، في منطقة خارجة عن القانون".
مدمنون ومجرمون
وقال محسن إن بعض المقاتلين ببساطة: "مدمنو مخدرات ومجرمون"، وهو مقاتل في الفصائل الموالية لأنقرة مع لواء المعتصم والبعض الآخر تحفزه السلطة.
كما يكشف التقرير أن الشباب المقاتلين، يستعرضون على وسائل التواصل الاجتماعي وهم يقودون السيارات شاهرين الأسلحة في المناطق السكنية في وقت متأخر من الليل بإطلاق النيران ويفلتون من العقاب. والبعض الآخر بدافع الرغبة في الانتقام من القوات الكردية.
وتؤكد الكاتبة أن تقديم المقاتلين أنفسهم بوصفهم ثوريين يحاربون نظام الأسد يتعارض مع الواقع، صالح وهو ينتمي للفصائل الموالية لأنقرة أصر على أنه يحارب الأسد، حتى إذا كانت تركيا تحظر ذلك، وقال للكاتبة إليزابيث تسوركوف بعد دخوله شمال شرقي سوريا مع القوات التركية "نحن لا نهتم بما تقوله تركيا".
وبرر آخرون العمل مع تركيا نتيجة غياب أي حلفاء محتملين آخرين، ولكن يبدو أن مقاتلين آخرين أكثر إدراكا لعجزهم عن التأثير على مسار الحرب، ناهيك عن تحقيق هدفهم بالإطاحة بنظام الأسد ومع ذلك، فإنهم يشعرون بأنهم مضطرون بسبب التزامهم بدعم أسرهم.
هذا وتختم الكاتبة إليزابيث تسوركوف بالقول: "بالنسبة للعديد من هؤلاء الشباب، الذين يدركون مأزقهم وأنه لن يسمح لهم في نهاية المطاف بمهاجمة نظام الأسد، فإن الصدمة والذنب ظاهران عليهم بشكل مفرط. لقد أمضوا ساعات على الهاتف معي بفارغ الصبر يحدثون بتفاصيل عن العنف والإساءات التي شاهدوها وكان الاشمئزاز واضحاً في أصواتهم".
ليفانت-العربية
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!