-
نهاية "حسم".. تكتب مستقبل الإرهاب الإخواني في مصر
ورغم إنكار الجماعة على مدار أكثر من 80 عام، كافة أشكال العنف والإرهاب، ورغم وقوع أحداث إرهابية نُسبت يقينًا لها في العقود الماضية، إلا أن خروج الأذرع المسلحة للتنظيم لممارسة الإرهاب علنًا فيما أعقب 30 يونيو/ حزيران، كشف وجهًا آخر ظل متسترًا خلف شعارات السلمية والإسلام الوسطي.
في عام 2014 أعلن القيادي الإخواني محمد كمال تشكيل اللجان النوعية داخل تنظيم الإخوان، القرار الذي أحدث زلزالاً مدويًا داخل التنظيم نفسه، واعترض صقور الجماعة على الإعلان محاولين الترويج لرفضهم لكافة أشكال العنف.
لكن مراقبون أكدوا أن قيادات التنظيم التاريخية أرادوا استمرار ممارسة العمل المسلح سرًا حتى لا تفقد الجماعة شرعيتها السياسية أمام المجتمع الدولي باعتبارها مؤسسة إسلامية وسطية.
ويقول المفكر الإسلامي المنشق عن التنظيم ثروت الخرباوي في تصريح خاص لـ"جريدة ليفانت"، إن تشكيل اللجان النوعية تم بالاتفاق عليه بين كافة أطراف القيادة المركزية بالتنظيم واختير له محمد كمال الذي كان يشرف على النظام الخاص، وتولى بالاشتراك مع قيادات أخرى أبرزها أسامة ياسين، القيادي الإخواني ووزير الشباب في حكومة الإخوان، تشكيل فرق مسلحة للتعامل مع الأمن أثناء فض اعتصام رابعة، كما تولى فيما بعد تدشين فرق أخرى لتنفيذ العمليات المسلحة بمصر ما بعد 2014.
وأطلقت الإخوان العنان للتنظيمات الإرهابية المسلحة تحت أسماء مستعارة، مثل "حسم"، "لواء الثورة"، "العقاب الثوري" وغيرهم بعدما أسقطت ثورة 30 يونيو/حزيران الرئيس الإخواني محمد مرسي.
لم تكن حركة "حسم" وغيرها من التنظيمات التي ظهرت بعد 2014، وليدة الأزمة الإخوانية الطاحنة لدى الجماعة، لكن العنف كان دوماً خياراً متاحاً في التنظيم، بل أحد أبرز السمات التي غلبت على التنظيم منذ نشأته بل هي تأصيل فكري متجذر انحدرت عنه العديد من التنظيمات الإرهابية فيما بعد واستمدت منه الإطار الشرعي للممارسة الإرهابية وأبرزها تنظيمي "داعش" و"القاعدة".
ويعتبر سيد قطب، الأب الروحي لتنظيم الإخوان، وهو مؤسس فريضة الجهاد ليس لدى الجماعة فقط ولكن عند جميع التنظيمات الإرهابية، ويعتبر كتابه "معالم على الطريق"، الذي تم مصادرته بمصر مطلع خمسينات القرن الماضي، أحد أهم الوثائق لتأصيل العنف والجهاد المسلح، وهي الإطار الشرعي الذي أعلن عنه محمد كمال في 2014 فيما عرف وقتها بوثيقة الجهاد من أجل إسقاط الانقلاب.
وأورد كتاب مرجعيات العقل الإرهابي: المصادر والأفكار الصادر عن مركز المسبار للدراسات، أن مؤسس جماعة الإخوان المسلمين حسن البنا (1906-1949) أوجد مفهوم الحاكمية والجاهلية وطرح بذورهما في أرض خصبة قام بالاعتناء بها بعده سيد قطب والمودودي، لتكتمل الفكرة الأساسية التي قامت المجموعات الإرهابية بتحويلها لشرعنة الإرهاب ضد الحاكم وأعوانه، وضد المجتمع الذي لا يدعم ويؤيد المبادئ السياسية لهم.
وفقًا لتقارير محلية مصرية فإن البلاد شهدت ما يزيد عن 903 عملية إرهابية حتى عام 2018، نُفذ جميعها بالمال الإخواني، الذي لم تكن الجماعة قادرة على توفيره خاصة في ظل ملاحقات أمنية وقرارات متعاقبة للتحفظ على أموال التنظيم بمصر.
https://youtu.be/cTKGKugOhl0
وأقر الاجتماع الذي عقد في إسطنبول بحضور ممثلين رسميين عن الحكومة التركية، ما عُرف وقتها بـ"وثيقة الأزمة"، أعدها ذراع التخطيط في التنظيم الدولي الذي يحمل اسم "المركز الدولي للدراسات والتدريب".
الوثيقة التي وضعت قطر وتركيا كدولتين داعمتين للجماعة الإرهابية بالمال والدعم اللوجستي، وضعت آليات محددة لإنهاء أزمة التنظيم المنهار بمصر، بمثابة خارطة طريق للجماعة على مدار السنوات الماضية، خاصة أنها وضعت العنف كخيار مطروح للخروج من الأزمة ونظّمت سبل دعم وتمويل الإخوان بمصر لتنفيذ تلك العمليات.
المخطط الذي ظهرت أثاره جليه على تطور نوعية العمليات في مصر، حيث رصدت الأجهزة الأمنية في مداهمات وملاحقات لكوادر تنظيم حسم استمرت لسنوات وجود أنواع من الأسلحة المتطورة فضلاً عن استخدام أجهزة اتصال حديثة لتفادي المراقبة الأمنية.
وشمل المخطط عدة محاور لضرب الاقتصاد وإثارة الشائعات بالتزامن مع العمليات الإرهابية في مصر، لكن مقتل محمد كمال في مواجهة مع الأمن في 2016 وما تبعه من انقلابات وانقسامات حادة وصراعات داخل التنظيم واستمرار الجهود الأمنية في إحباط عمليات التنظيم الإرهابي أفشلت المخطط نهائياً.
تؤكد تقارير مصرية محلية أن الجماعة الإرهابية قتلت 107 مصريين قبل فض اعتصام ميداني رابعة العدوية والنهضة، عام 2013، بينهم 82 في اشتباكات، و22 حالة تعذيب حتى الموت و3 قتلى بالعمد.
وبعد الفض، حرقت قسم شرطة كرداسة وقتلت الضباط وعمدت إلى التمثيل بجثثهم في سابقة مروعة لم تعرفها مصر.
وطال إرهاب الإخوان الكنائس المصرية، بعد فض اعتصامي النهضة ورابعة العدوية، إذ أحرقت أكثر من 82 كنيسة ودار عبادة في المنيا وأسيوط والفيوم.
ووقفت الحركة وراء التفجير الانتحاري للكنيسة البطرسية بالعباسية، بالإضافة إلى نهب وتدمير متحف ملوى.
واغتال التنظيم الإرهابي المستشار هشام بركات، النائب العام الراحل، عن طريق تفجير موكبه في 29 يونيو/ حزيران 2015، بالإضافة إلى العقيد وائل طاحون، رئيس مباحث المطرية السابق، الذي تم اغتياله قبل بركات بشهرين في شهر إبريل/ نيسان.
وفي 11 أغسطس/ أب 2016، تبنت حركة حسم، ذراع التنظيم الإرهابي، محاولة اغتيال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق.
وتبنت حسم محاولة اغتيال الدكتور علي جمعة مفتي مصر السابق في 5 أغسطس/آب 2016، كما حاولت الحركة في 29 سبتمبر 2016 قتل زكريا عبد العزيز أحد كبار مساعدي النائب العام، بينما كان عائداً من مكتبه، بواسطة قنبلة لكن العملية فشلت، على الرغم من إصابة أحد المارة.
وأعلنت الحركة في 4 نوفمبر 2016 مسؤوليتها عن محاولة اغتيال القاضي أحمد أبو الفتوح في مدينة نصر، وهو أحد القضاة الثلاثة الذين حكموا على محمد مرسي بالسجن عشرين عاماً في عام 2015.
وتبنت محاولة اغتيال النائب العام المساعد المستشار زكريا عبدالعزيز في الأول من أكتوبر/تشرين 2016.
كما تبنت اغتيال 6 من رجال الشرطة باستهداف تمركزين أمنيين بمحيط مسجد السلام في شارع الهرم بمحافظة الجيزة جنوب العاصمة، واغتيال 3 من رجال الشرطة وإصابة 5 آخرين في حادث استهداف سيارة شرطة بمدينة نصر شرق القاهرة.
وتبنت حسم الإخوانية تفجير سيارة تابعة لقوات الأمن بمنطقة المعادي، في ساعات الصباح الأولى، ما أسفر عن مقتل ضابط شرطة وإصابة آخر و3 مجندين في 19 يوليو/تموز2017، وكانت آخر عملياتها استهداف معهد علاج الأورام بالقاهرة في أغسطس/آب الماضي.
بعد اعتراف "حسم" بعملياتها الإرهابية في مصر أعلنت عدة دول أبرزها الولايات المتحدة وبريطانيا والإمارات والسعودية وضعها على قوائم الإرهاب.
وقالت وزارة الخارجية اﻷمريكية إن القرار استهدف تنظيمات وقيادات إرهابية رئيسية تهدد الاستقرار في الشرق اﻷوسط، وتقوض عملية السلام.
وأغلقت إدارة "تويتر" في مطلع أكتوبر/تشرين الأول عام 2016 حساب حركة "حسم" لنشره محتوى يحض على الكراهية والعنف.
السؤال الذي يطرحه الوضع الراهن للتنظيم بعد فشل أذرعه المسلحة في المهمات التي أسندت إليها فيما بعد سقوط الإخوان في مصر، يتلخص حول مستقبل الإرهاب الإخواني في مصر.
ويرى مراقبون أن التنبؤ بتحركات الجماعة المستقبلية ليس أمرًا سهلًا خاصة أنها تعمل على سياسة الأرض المحترقة.
ويقول الباحث المتخصص في شؤون الحركات الإسلامية، خالد الزعفراني إن جماعة الإخوان أظهرت أسوأ ما عندها خلال الفترة الماضية، واستخدمت كافة أسلحتها ضد مصر ونفذت عمليات إرهابية استهدفت المؤسسات وجميع الأشخاص المعارضين لها من المدنيين ورجال الأمن والقضاء، الأمر الذي امتد ليشمل استهداف معهد علاج الأورام بوسط القاهرة في أغسطس/آب الماضي، كاشفة عن وجهها القبيح.
وأكد الزعفراني أن نهاية الإرهاب الإخواني يرتبط بعدة عوامل رئيسية أهمها تجفيف منابع تمويله الداخلية والخارجية، وأيضًا نجاح الجهود الرامية إلى مواجهة الفكر المتطرف ونشر الاعتدال والوسطية بعيدًا عن أفكار الجماعة الإرهابية التي انتشرت بين المصريين مثل السرطان، وأيضًا استمرار ملاحقة عناصر التنظيم الإرهابي واتخاذ كافة الإجراءات القانونية ضدهم، مع ضرورة الأخذ في الاعتبار إجراء مراجعات فكرية للشباب الذين استقطبهم التنظيم واستغلهم بعامل الفقر والجهل في تنفيذ تلك العمليات.
وتابع أنه بغض النظر عن أن الإرهاب لم ينجح في تحقيق ذلك الهدف لأسباب تتعلق بمواطن خلل وأوجه قصور هيكلية وفكرية خطيرة في حركة الإرهاب ذاتها، فإنه من المؤكد أن الهدف النهائي للإرهاب يتمثل في هدم الدولة وتقويض شرعيتها السياسية، أو شرعية دول أخرى كذلك.
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!