-
الفساد المستشري في وزارة النفط: "دولة عميقة" تدير شؤونها في الظل

تحت عنوان "الدولة العميقة في وزارة النفط"، تبرز التحقيقات عن شبكة فساد منظم تديرها شخصيات مرتبطة بنظام الأسد، حيث يتحول الفساد في الوزارة إلى هيكل متكامل يحافظ على مصالحه بشراسة. لا يعدّ الأمر مجرد ظاهرة فساد إداري أو مالي عابر، بل يشير إلى نظام متكامل يُعيد إنتاج نفسه تحت غطاء تغييرات شكلية، فيما يبقى جوهر الفساد ثابتًا.
على مر السنوات، رسخت وزارة النفط نفسها كمركز ثقل لمنظومة الفساد، حيث سيطرت هذه الشبكة بالكامل على العقود والصفقات، محيدةً أجهزة الرقابة وجعلتها أدوات طيعة بيد كبار الفاسدين. وشهدت الفترة الأخيرة منح عقود بمليارات الدولارات لشركات غير مؤهلة مثل "المهام" و"أرفادا"، بالإضافة إلى شركات روسية وإيرانية، دون أي مناقصات علنية أو إعلانات رسمية، بل كانت الصفقات تتم عبر قنوات مغلقة مرتبطة مباشرة بمراكز القرار السياسي والعسكري.
ورغم تعيين الوزير الجديد وسط وعود بالإصلاح، فإن التغييرات التي طالت بعض المدراء لم تتجاوز كونها عملية "تدوير" للوجوه القديمة. وبرزت العودة غير المبررة لبعض الشخصيات التي تم طردها بسبب فسادها العلني، مما يزيد من إحباط الكفاءات الشابة المؤهلة التي لا تزال محاصرة وسط ولاءات تحكم الوزارة.
تظل الرقابة الداخلية غائبة تماماً، حيث لم تسجل تقارير عن غياب الموظفين أو الممارسات الفاسدة، ولم يتم فتح تحقيقات حقيقية في العقود المشبوهة رغم وجود شكاوى وأدلة تدين شخصيات بارزة.
اقرأ المزيد: انقسام إيراني حاد قبل مفاوضات السبت
تواجه الحكومة الحالية تحديات كبيرة، إذ يجب عليها أن تتخذ خطوات جادة لتفكيك تحالف المصالح الذي يحكم الوزارة منذ زمن. هل ستقوم بكسر جدار الصمت وتفعيل آليات المحاسبة بحق المتورطين في الفساد؟ وهل ستفتح ملفات تعيينات غير الشرعية وتستفسر عن الأشخاص الذين لم يحققوا إنجازات ملموسة؟
الرؤية الإصلاحية تتطلب المشاركة الحقيقية للكفاءات الداخلية، بدلاً من إصدار قرارات فوقية. يجب أن تتاح الفرصة للموظفين المعنيين الذين يعرفون خفايا الفساد عن كثب، لضمان عملية إصلاح فعّالة. إذا فشلت الحكومة في اقتلاع الجذور الفاسدة، فإن كل حديث عن الإصلاح لن يكون سوى تغطية على استمرار النهب بطرق جديدة، ولكن يبدو أن الوضع لن يتغير ما لم يُحدث تغيير جذري في العقليات والسياسات.
المصدر: زمان الوصل
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!