-
سوريا.. قاعة مزاد علني في سوق المصالح
أرض سوريا باتت ساحة صراع بين قوى عالمية كبرى، النفوذ والمصالح الاقتصادية تتصدر مشهد الصراع، وقطباه الرئيسان أمريكا وروسيا، وكل منهما تحركان أدواتهما وحلفاءهما في المنطقة، لزيادة الضغط وكسب المزيد من النفوذ.
إيران التي انتعشت اقتصادياً وأصبحت قوة اقتصادية مهمة في المنطقة، سعت إلى توسيع أطماعها في المنطقة، فقامت بدعم ميليشيات وجماعات عديدة وجعلهم أدوات وأجندات تنفذ خططاً إيرانية في المنطقة، فكان شعار المقاومة ومحاربة إسرائيل عنوان تدخلاتها في المنطقة، من خلال تلك الشعارات حركت المشاعر الإسلامية ودعمت ومولت تحركاتها، حتى أصبحت كالأخطبوط، تمتد أذرعها في كل الاتجاهات، تدخلت في سوريا بشكل مباشر عن طريق إرسال العديد من عناصر الحرس الثوري الإيراني، بالإضافة إلى إعطاء ضوء أخضر لدخول حزب الله والوقوف إلى جانب النظام، فعاثت في سوريا دماراً وخراباً وقتلاً، حتى جعلت من سوريا أرض أشباح ومستنقعاً مرعباً، فرأت روسيا في ذلك دعماً وقوة لها، هي أيضاً تدخلت ووقفت إلى جانب حلفائها -إيران والنظام السوري- فكانوا الثلاثة، وحوشاً مفترسة بلا رحمة ولا شفقة.
أمريكا التي تدخلت في سوريا بعد أن سيطر داعش على مساحات واسعة من سوريا والعراق، وشكلت تحالفاً لمحاربة التنظيم المتطرف، وكان ذلك السبب القريب من تدخلها، أما السبب البعيد هو تخوفها من التمدد الايراني في المنطقة وخطرها على أمن إسرائيل وعلى مصالح أمريكا في المنطقة.
تركيا الطامحة بالتوسع، كان لها حصة في الكعكة الدسمة، واستغلالها حلفها مع أمريكا، التي بدورها ترى في تركيا الحليفة الاستراتيجية في منطقة الشرق الأوسط، وتدخلت تركيا في سوريا تحت حجج وذرائع واهية، وأهمها تخوفها التاريخي من المشروع الكردي في المنطقة.
أما المعارضة والنظام فهما أدوات تنفيذ لسياسات تلك الدول، دون الاكتراث إلى معاناة السوريين، ويعملان على إرضاء أسيادهما، وذلك لكسب بعض الفتات وترك مصير الشعب للنهب والسلب.
لذلك نرى أن كل من أمريكا وروسيا تتحركان في اتجاه واحد ولغاية واحدة، أمريكا التي تحاول إشباع سياسة مصالحها ومصالح طفلتها المدللة إسرائيل، ونفوذها من جهة، وإرضاء حلفائها -تركيا، فرنسا، بريطانيا- من جهة أخرى. روسيا التي تعمل على استعادة قوتها السابقة وفرض هيمنتها على العالم وإشباع سياسة تمددها، بالاستفادة من عنجهية حلفائها -إيران، حكومة العراق، النظام السوري- وشوفينتهم.
سوريا باتت المحطة الرئيسة ونقطة انطلاق للتمدد في جميع الاتجاهات، وعلى أرض سوريا تتم الصفقات والمساومات، وتعقد بازارات سياسية واقتصادية وحتى ثقافية وبالمعنى العام سوريا قاعة مزاد علني في سوق المصالح الدولية، والسوريون هم الجمهور الحاضر الغائب في تلك المزادات.
ليفانت - عز الدين ملا
قد تحب أيضا
كاريكاتير
من وحي الساحات في سوريا
- December 19, 2024
من وحي الساحات في سوريا
ليفانت-خاص
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!