الوضع المظلم
الأربعاء ٢٥ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • إدلب مأزق جديد لأردوغان، ولاجدوى من التلويح بورقة الهجرة ضد أوروبا

إدلب مأزق جديد لأردوغان، ولاجدوى من التلويح بورقة الهجرة ضد أوروبا
جاسم محمد

كان الرئيس التركي في كل مرة، ينجح بتهديداته إلى دول أوروبا، والتلويح بورقة الهجرة، لكن هذه المرة في إدلب الأمر اختلف، بسبب ما اتخذته دول أوروبا خلال السنوات الماضية، في أعقاب موجة الهجرة إلى أوروبا عام 2015 من إجراءات احترازية واحتياطية، يجعل تهديدات أردوغان هذه المرة، لاقيمة لها.

لقد خسر أردوغان أيضاً الدعم السياسي، والعسكري، ووضع جيشه في مأزق، بعد أن توغل في الشمال السوري، بدون غطاء جوي، لتكون الكفة لصالح القوات النظامية السورية المدعومة جواً بالطيران الروسي.


أرسلت تركيا آلاف الجنود والعتاد العسكري إلى منطقة شمال غرب سوريا خلال شهر فبراير الحالي، من أجل إعادة رسم خارطة جديد خاصة بتركيا وفقاً لتصريحات أردوغان إلى انصاره في مدينة أزمير.

الحكومة الألمانية علمت خلال شهر ديسمبر 2019 بناء على طلب إحاطة وصف بـ"السري" من المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين، إلى أن تصعيد العمليات العسكرية في شمال سوريا "لم يرافقه ارتفاع ملحوظ في أعداد طلبات اللجوء المقدمة من سوريين في ألمانيا". لكن ذلك يمكن أن يتغير بحسب رأي آرمين شوستر خبير الشوؤن الداخلية بالحزب المسيحي الديمقراطي، حزب المستشارة أنغيلا ميركل.

يذكر ان تركيا والاتحاد الأوروبي أبرما اتفاقاً حول الهجرة خلال شهر مارس 2016 في محاولة للحد من الهجرة من تركيا إلى أوروبا.


أعلنت تركيا يوم 27 فبراير 2020 أنها لن تمنع بعد اليوم اللاجئين من عبور حدودها إلى أوروبا. ونشرت وسائل إعلام تركية لقطات فيديو لمهاجرين يتجهون إلى الحدود مع اليونان وبلغاريا. وردت أثينا على ذلك بتعزيز المراقبة على حدودها البرية والبحرية. مصادر حكومية يوناينة قالت، إن أثينا عززت إجراءات المراقبة على الحدود البحرية والبرية مع تركيا بعد التطورات في إدلب السورية وأن أثينا على اتصال أيضاً بالاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي في هذا الصدد.


النتائج

ـ الموقف الأوروبي حول إدلب، مازال يتمحور في إتخاذ مواقف سياسية وتصريحات للقادة الأوروبيين، ممكن وصفها، بأنها تصريحات دبلوماسية تقليدية، تأقلم معها الرئيس التركي أردوغان، وكثيراً مايعطيها ظهره. سوف يبقى الموقف الأوروبي على مستوى المفوضية الاوروبية وعلى مستوى دول اوروبا ضعيفاً ومهادناً لأردوغان.


ـ هذه المرة، يبدو أن موقف أردوغان ضعيفاً، سياسياً، فهو لم يكسب تأييداً في جلسة مجلس الأمن ليلة أمس 28 فبراير 2020، وانهى مجلس الأمن اجتماعه، دون صدور أي قرار، وهذا يمكن وصفه بأنه خسارة لجهود تركيا دبلوماسياً وسياسياً، رغم إعلان واشنطن، بانها تدعم حليفتها تركيا في الشمال السوري.


ـ ضعف موقف الجيش التركي في الشمال السوري، وصف خبراء الدفاع، بأن توغل الجيش التركي، بالعتاد والمدرعات دون وجود غطاء جوي، يعتبر خطأ فادحاً، أن يدخل قواته في "مستنقع" خطر، وهذا ربما ما اعترف به أردوغان نفسه.


فمازالت روسيا تسيطر على الجو في شمال سوريا، وفق اتفاق سابق تم ما بين موسكو وأنقرة ودمشق، وهذا يعني أن القوات السورية، سوف تتمكن من التحرك سريعاً في إدلب، والسيطرة على الطرق السريعة والبلدات في محيط إدلب بسبب ماتحصل عليه من غطاء جوي روسي.


ـ إن تلويح أردوغان، بورقة الهجرة، ضد أوروبا، أصبحت ضعيفة جداً، رغم ماذكرته التقارير، هناك مجموعات من المهاجرين غير الشرعيين، فتحت لهم تركيا الحدود ووصلوا إلى الحدود اليونانية وأخرى وصلت إلى بلغاريا.


ربما اليونان وبلغاريا من أكثر الدول تضرراً، من سياسات أردوغان وموجات الهجرة إلى جانب ألمانيا، لكن اليونان تحديداً، اتخذت الإجراءات الأمنية المشددة وأرسلت أكثر من 50 سفينة من أجل حماية حدودها البحرية مع تركيا، أما بلغاريا هي الأخرى شيدت أسيجة كونكريتية واسلاك على امتداد حدودها البرية مع تركيا.


دول أوروبا هي الأخرى اعتمدت سياسات أمنية احترازية واحتياطية في تشديد الرقابة على حدودها، وهذا مايضعف ورقة أردوغان بالتلويح بالهجرة، ماعدا ذلك فتح أبواب الهجرة يعني قطع المساعدات المالية إلى إنقرة ضمن اتفاق عام 2016 والتي تقدر باكثر من ثلاث مليارات دولار، من أجل مسك الحدود.


ـ إن غياب الولايات المتحدة عسكرياً وسحب قواتها من شمال سوريا، وعدم رغبة ترامب بإرسال قوات أمريكية جديدة من شأنها، أن تعزل أردوغان أمام توسع روسيا في شرق الفرات وشمال سوريا.


ـ السيناريو المتوقع للجيش التركي في شمال سوريا، هو إما الانسحاب أمام تقدم القوات النظامية السورية المدعومة من روسيا، وإما الاستمرار في المواجهة لحفظ ماء الوجه، الاحتمال الأخير بات مرجحاً، وهذا يعني أن أردوغان الآن يعيش مأزق، عسكري وسياسي أكثر من أزمة، ممكن أن تنعكس بتداعياتها السلبية على الداخل التركي، أكثر من اندفاع التداعيات بإتجاه دول أوروبا.


ـ إن خسارة أردوغان عسكرياً في شمال سوريا، هذه المرة، ستكون لها انعكاسات شديدة داخلياً على شعبية أردوغان مع مزيد من تراجع العملة المحلية، الليرة التركية، مما يرفع سقف الانتقادات والمعارضة داخليا غلى أردوغان.


ـ يحاول أردوغان بإجراء لقاءات مشتركة مع ألمانيا وفرنسا وروسيا، ربما محاولة منه لكسب مواقف سياسية، وهذا يبدو صعباً، وسط خلافات أردوغان مع بوتين.


ـ من المتوقع أن يحقق الجيش السوري النظامي تقدماً عسكرياً في إدلب وشمال سوريا، أكثر من السابق مع الدعم الروسي.


جاسم محمد ـ باحث في قضايا الإرهاب والإستخبار

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!