الوضع المظلم
الثلاثاء ٢٤ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • إعلام ثورة السوريين ..معايير بعثية ومهنية تحكمها الولاءات

إعلام ثورة السوريين ..معايير بعثية ومهنية تحكمها الولاءات
IMG-20190929-WA0014

عبد الرزاق دياب

هذا العنوان قد لا يرضي الكثير من الأصدقاء والمقربين على اعتبار أنه قد يكون حاداً أو لا يهادن أحداً، وقد يأتي بالشيمة من البعض لقصر في وجهة النظر أو لأنه قد يضر بمصالحهم الآنية، واعتقادهم الراسخ بعد طول تطبيل وتزمير لهم بأنهم على صواب، وأنهم يمثلون بوصلة الإعلام الجديد للسوريين، وأصحاب الرأي السديد والرشيد.


من عشوائية الناشط المحلي إلى رموز إعلامية كبرى قفز البعض لأجندات ارتأتها أوساط ساسية معارضة كالإئتلاف، فصار سائق التاكسي وابن عم عضو الائتلاف ناطقاً ومدير مكتب إعلامي في فترة تولي قريبه لهذا لمنصب فجمع آلاف الدولارات، ومن ثم صار ضيفاً مكرراً بصورته وأفكاره على الفضائيات التي ترى أنه بعينه يؤدي لها ما تريد بالضبط.


من حامل بندقية تحت راية الثورة في مخيّم اليرموك والأحياء المحيطة به تحت اسم مستعار كأبي المختار والعباس وطلحة ساعدته (فهلويته) في سرقة أموال التبرعات والهروب إلى دولة مجاورة، ومن ثم أنشأ مؤسسته الإعلامية التي تنشر هذيانات العاملين فيها من ناشطين وجدوا ضالتهم فيها رغم الراتب الشهري القليل، ولكنه ينقلهم بعد حين إلى مؤسسات قد تدفع أكثر، وأما المالك فهذا ما يريده تمويل كبير لنشاط وهمي في خدمة الثورة.


فريق آخر استغل تاريخ عائلته في الثورة لبناء سمعته أما مهنيته وإمكانياته فهي شيء آخر لا يصب في تقييم أدائه الإعلامي، وآخرون يرون أن المظهر الأنيق يمكن أن يكون بديلاً عن اللغة الناضجة ومهارة إدارة الحوار.


هذا التقييم يبدو فردياً من حيث الشكل لكن عندما تشكل هذه الحالات خطوطاً عامة لصفات الإعلامي في زمن الثورة، وتؤخذ كأمثلة عن الرداءة من جانب، والنجاح في جانب آخر لدى بعض من يرون أن الحالة الإعلامية هي حالة ثورية، وأما المهنية فتاتي فيما بعد أو أنها لا تحدث فرقاً.


معايير إعلام البعث في تشكيل هذه الأجساد الإعلامية تبدو واضحة في اعتمادها على الشللية والاقصاء والتخوين، ومنهم من خرج من قميص البعث إلى عباءة المعارضة كما هو بكامل عنجهيته، ويرى الآخرين مجرد منافسين مفترضين على كرسي زاويته أو مقالته، وآخرون صنعوا مجدهم منذ وصولهم بلاد الشتات على أنهم مناضلين ومعتقلي رأي وهم في حقيقة الأمر لم يدخلوا مخفر شرطة في دمشق.


الشللية التي كانت ميزة إعلام البعث في أن يذهب رئيس التحرير مع أعوانه الصغار، وكذلك المدير العام والخاص، وتأتي شلة جديدة بقيادة رأس جديد، وهذا ما يحصل الآن في تبدلات رؤوس المشاريع الكبرى من تلفزيونات ومواقع إلكترونية بقي لها بعض الرمق من التمويل الذي يتناقص يوماً بعد آخر.


التخوين وهذه مفارقة مضحكة حتى الموت هي ليست في انتمائك إلى نسيج غير وطني أو عودتك إلى حضن النظام أو حتى التواصل مع الإسرائيليين (بعض أطراف المعارضة وإعلامها فعلها) بل في التعرّض لمدير المؤسسة تلك أو سياستها التي تملى عليها من الممول، وهنا إما أن تكون قطرياً أو سعودياً، وأما أن تكون سورياً يعمل في محطة أو صحيفة تمولها إحدى الجهات فهذا يستلزم منك أن تنافق، وتحارب من أجل أن يكون راتبك حلال (زلال).


القنوات المعارضة أو وسائل الإعلام التي تنضوي تحت مسمى الثورية (اشتغلت ببعضها) وفق التعبير العامي السوري، وبدأت صراعاً وصل حد التخوين وفتح الملفات، وفصل صحفيون نتيجة مواقفهم، ويمكنك ببساطة أن تنتقل من ضفة إلى أخرى بشتيمة أو (بوست) ثورجي تخويني.


الصحفيون المحترفون ممن انتقلوا من مؤسسات النظام إلى مؤسسات المعارضة هم إما خارج السياق معزولين أو يقتتاتون على مواد الرأي، وإما أحرقتهم الدكاكين الوليدة، أو أنهم يغطون في صمت الكبار حيث لا يمكن المنافسة في وسط مسموم وطارد.


ما تقدم ليس تشهيراً بهذا الجسد الذي اتكأ عليه السوريين واعتبروه ملاذهم وصوتهم المسموع، وليس تعريضاً بآخرين كان من المفترض أن يكون زملاء مهنة، ورفاق طريق ومبدأ لكنها الوقائع تقول ذلك..المنبر الآن في كلا طرفي الصراع لمن (يشبّح) أكثر.

العلامات

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!