الوضع المظلم
الأربعاء ٢٥ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • اختلاسات بالمليارات.. والفساد يُثقل كاهل الإيرانيين المُنهك بالعقوبات

اختلاسات بالمليارات.. والفساد يُثقل كاهل الإيرانيين المُنهك بالعقوبات
نظام الملالي

وكأنّه لا يكفي الإيرانيون حظّهم العاثر بتقلّد نظام الملالي الحكم في بلادهم، عبر انقلاب أو “ثورة” مُدعاة، في العام 1979، لتثقل كاهلهم قببٌ من الهموم التي خلقها لهم ذلك النظام المتعالي على آلام شعبه، الساعي إلى نشر تطرّفه بين بقية شعوب المنطقة بذريعة الدين وحجة الطائفة، لتمرير ما أمكن من استعمار ثقافي وعسكري، الساعي لإحياء ما يراها أمجاد أجدادهم الذين طالما حكموا شعوباً بالمنطقة بقوة السيف، إلى جانب العثمانيين الذي يشكلون الوجه الثاني لذات العملة بطبيعة الحال.


فساد إداري واختلاسات بالمليارات


ولأنّه نظام قائم على الولاء الأعمى، والتبعية المطلقة للولي الفقيه، ولأن ذلك هو معيار تقلد المناسب وتبوء المهام، لم يكن مستغرباً ما ذكره رئيس غرفة تجارة محافظة فارس الإيرانية، جمال رزاقي، في الرابع والعشرين من يوليو، عندما قال إنّ ما لا يقل عن 22 مليار دولار من العملات الأجنبية قد تم اختلاسها، وفق ما أوردت عنه وكالة أنباء العمال الإيرانية “إيلنا”، حيث شدد رزاقي أنّ “ما لا يقل عن 22 مليار دولار من العملة الإيرانية اختفت في ظل العقوبات، بحجة تخصيص العملة الحكومية للاستيراد”.


 


وفيما لم يبين رزاقي كيف ومتى اختفت تلك المبالغ، أشار الرجل إلى أنّ هذا “الفساد” نتج بسبب منح العملة الصعبة بسعر حكومي (42 ألفاً مقابل الدولار) للمستوردين والتجار، كاشفاً أنّه “على الحكومة أن تقطع تخصيص العملة المدعومة بـ4200 تومان، بسبب الفساد والمحسوبيات، ولكن بدلاً من ذلك يجب أن تخصص تلك الموارد على شكل كوبونات، من أجل زيادة أجور العمال ودعم لجنة الإغاثة ومنظمة الرعاية الصحية”.


وأتى النبأ الصاعق، فيما يعيش الريال الإيراني تدنياً غير مسبوق أمام الدولار، في السوق غير الرسمية، ففي الثامن عشر من يوليو، وصل انخفاض قيمته  إلى قرابة النصف تقريباً في عام 2020، مع تعرّض الاقتصاد لضغوط من وباء فيروس كورونا وفرض عقوبات أمريكية، ووفق “رويترز”، آنذاك، أشار موقع بونباست دوت كوم، المختص في أسعار الصرف الأجنبي، أنّ الدولار عرض للبيع بسعر يصل إلى 255300 ريال، وهو ما عنى أنّ العملة فقدت ما يقرب من 48 في المائة من قيمتها خلال العام 2020، في الوقت الذي أدى فيه تدني أسعار النفط وتراجع الاقتصاد العالمي إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية في البلاد، التي دوّنت أيضاً أعلى عدد وفيات نتيجة فيروس كورونا في الشرق الأوسط.


الفقر والانهيار الاقتصادي يدفعان الشارع للتظاهر


وبدلاً من استثمار أموال الدولة الإيرانية فيما يساهم بتقدم شعبها ورخائه، عملت السلطة الدينية في طهران، خلال العقد الأخير بالأخص، على تمويل وتسليح العشرات من المليشيات المسلحة في مجموعة من بلدان المنطقة، كسوريا واليمن ولبنان وغيرها، وهو ما استنزف مع مرور الوقت المقدرات الاقتصادية للشعب الإيراني، وبات يدفعه للتظاهر في الفترة الأخيرة، حيث تجمهر المئات من متقاعدي مؤسسة “التأمين الاجتماعي” في طهران، ومجموعة مدن إيرانية أخرى، في الخامس عشر من يوليو، للمطالبة برفع مرتباتهم التقاعدية، وتحسين خدماتهم الطبية.


وعاشت المدن الإيرانية كـ”طهران وأصفهان وبجنورد وإبلام وأراك وکرمانشاه وکرجو وأهواز وتبریز ومشهد”، تجمعات المئات من المتقاعدين، حيث ردد المتظاهرون خلالها شعارات “لا نريد مسؤولين غير مؤهلين” و”الجوع هو نتيجة خدمتنا للوطن أربعين عاماً”، كما خرج المئات من العمال في مدينة “هفت تبة” في إقليم خراسان، جنوب غربي البلاد، للتظاهر، داعين إلى دفع رواتبهم المستحقة، والإفراج عن عمال تم احتجازهم خلال مظاهرات خرجت قبلها بأيام.


 


فيما عرض الموقع الرسمي لمنظمة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة، في السادس من يوليو، تقريراً تطرّق إلى مجموعة من التظاهرات بدأت تتوسع في إيران، مع اتساع رقعة تفشي وباء كورونا، وقال تقرير المنظمة: “وصل الظلم والتعسف الذي يمارسه نظام الملالي الحاكم في إيران، إلى درجة تضطر الطبقات الفقيرة، رغم تفشي كورونا على نطاق واسع في إيران، إلى قبول خطر الإصابة بالمرض القاتل وتقوم بتنظيم تجمعات احتجاجية في طهران ومدن إيرانية أخرى، فمعظم التجمعات الاحتجاجية الأخيرة يقوم بها العمال الكادحون الذين يمتنع أصحاب العمل الموالون لقادة النظام عن دفع رواتبهم المتأخرة”.


عزوف دولي عن التعاون مع طهران


ومع تضاعف وطأة العقوبات الأميركية المفروضة على طهران، منذ انسحاب إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، من الاتفاق النووي، وتدني الوضع الاقتصادي، أشار وزير النفط الإيراني بيجن زنغنة، في العشرين من يوليو، إلى عدم استعداد أي دولة لتوقيع عقود مع بلاده، وذكر أنّه “في الوقت الحالي، لا توجد أي دولة أجنبية مستعدة لتوقيع عقود معنا بشأن أي قضية، كما أنّ الدول المتعاقدة سابقاً معنا لم تمدّد العقود القائمة”، كاشفاً أنّ مصير عقد تطوير حقل غاز “فرزاد” في الخليج مع الهند، لم يتم تفعيله، وستتم متابعته من قبل الشركات المحلية.


وفي الأثناء، أفصح كذلك عن شكوى تقدمت بها السلطات الإيرانية ضد شركة “سي إن بي سي” الصينية، التي أمضت على عقد لتطوير حقل “أزادغان الشمالي”، نتيجة توقفها عن إكمال المشروع، وفق ما أفادت وكالة العمل الإيرانية “إيلنا”، إذ كانت قد وقعت الشركة الصينية المذكورة عقداً مع طهران في العام 2009، بغية تطوير ذلك الحقل، ونفذت سنة 2016 المرحلة الأولى بإنتاج يومي، وصل إلى 75 ألف برميل، إلا أنّها رفضت تطوير المرحلة الثانية لمضاعفة الطاقة الإنتاجية في هذا الحقل.


 


وجاء ذلك، في حين تقلّصت صادرات النفط الإيرانية بنسبة 90%، منذ أن أعادت الإدارة الأميركية الحالية فرض عقوبات ضد طهران منذ 2018، عقب انسحاب ترامب من الاتفاق النووي.


وعليه، يبدو واضحاً أنّ السلطات الإيرانية التي تتظاهر بالقوة وامتلاك ولاء موظفيها والعاملين في مؤسساتها، هشة إلى درجة كبيرة، تمكن من استغلال هؤلاء للقمة عيش الشعب الإيراني، بغية اختلاس أمواله، وتحويلها إلى مواقع غير معروفة، وإن كانت السلطات لا تعرف من نهب تلك الأموال، فالجميع يعرف من سيدفع ثمنها، ألا وهو الشعب الإيراني المنهك أصلاً بالعقوبات.


ليفانت-خاص


إعداد وتحرير: أحمد قطمة 

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!