-
الثورة السورية في عقدها الثاني.. هل نشهد مبادرة وطنية تنهي الخصام السياسي؟
-
يشكّل التدخل الخارجي بالشأن السوري معضلة في التوجّه نحو الحلّ السياسي الشامل
لم تكن مفاجئة مظاهرات مدينة الطبقة التي لطالما عودتنا منذ بداية الثورة السورية على مشاركتها في كل مناسبة أو فرصة للتعبير عن رفضها لبقاء النظام في السلطة، وكذلك المظاهرة الأخرى في بلدة العزبة بريف دير الزور الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية "قسد".
ويمكن قراءة سماح قوات سوريا الديمقراطية "قسد" بهاتين المظاهرتين واهتمامها بذكرى الثورة لهذا العام، أن النظام لم يعد يهتم للمفاوضات مع قسد وبأنّ التقسيمات الإدارية التي تخضع لمناطق النفوذ (سلطات الأمر الواقع)، باتت شبه حالة استقرار إداري في المنظور القريب أو المتوسط، بمعنى آخر، هناك شبه إجماع ضمني عند الدول المتداخلة في الشأن السوري، على بقاء الوضع الحالي على ما هو عليه، لحين حدوث خرق في جدار الحل السياسي المستعصي منذ 10 أعوام.
اقرأ المزيد: جمهور الثورة السورية يسقط المعارضة الرسميّة "كلن يعني كلن الأسد ومسد والإخوان أولهم"
التدخلات الخارجيّة سبب في تعطيل الحلّ السياسي
يشكل التدخل الخارجي بالشأن السوري معضلة في التوجه نحو الحل السياسي الشامل، من خلال توزع الميليشيات الإيرانية (حزب الله اللبناني، ولواء فاطميون ولواء حيدريون، والحشد الشعبي العراقي وحركة النجباء، فيلق القدس الإيراني، وميليشيا أبو الفضل العباس... إلخ) على كامل مناطق سيطرة النظام، وهيمنت روسيا على قرار النظام والمقدرات الطبيعية للبلاد وإنشاء قاعدة حميميم الجوية وقاعدة طرطوس البحرية والتنافس مع إيران على ميناء بانياس على البحر المتوسط، إضافة إلى الوجود التركي في شمال غرب سوريا، والاستئثار بقرار المعارضة السياسية والعسكرية "الائتلاف السوري المعارض والجيش الوطني"، فيما عدا سيطرة الولايات المتحدة مع شركائها في التحالف الدولي على المنطقة الشرقية التي تُعدّ السلة الغذائية السورية، بالشراكة مع حلفائها المحليين، قوات سوريا الديمقراطية "قسد".
افتقار للإجماع السوري
في الآونة الأخيرة بدأت تخرج أصوات من هنا وهناك، تطالب بفيدرالية جغرافية في سوريا، علّها تكون بادئ ذي بدء نحو عودة التعافي المجتمعي كمرحلة أولى، ثم يبنى عليها في الأعوام التي تلي الحل السياسي الشامل شكل إداري يتفق عليه عامة السوريين.
لذا، قد تستفيد "قسد" من تلك المطالبات في المرحلة الحالية، وإظهار حسن نيّة تجاه المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، بوضع شعارها إلى جانب "علم الاستقلال" في أحد المظاهرات التي خرجت بمناطق سيطرتها في ذكرى الثورة الـ 11، وبذلك ترسل رسالة واضحة لجمهور الثورة والمعارضة السورية باعتمادها كشريك مستقبلي.
وفي سبتمبر/ أيلول عام 2019، أطلق مجموعة شخصيات سورية "مبادرة سوريا الاتحادية" بهدف إطلاق مشروع وطني يجمع مكونات الشعب السوري كافة.
وبحسب البند الثاني من المبادرة، فإنّها تهدف إلى الإعلان الفوري عن قيام جمهورية سوريا الاتحادية، دون انتظار السقوط الحتمي لنظام الأسد، والبدء بالتوافق على إعلان دستوري يصوغه قانونيون متخصصون، ويبدأ تطبيقه على الأراضي التي تحكمها قوى الثورة بحواملها المدنيّة والسياسيّة، وإلغاء جميع القوانين التي وضعت في عهد الأسد، والمتضمنة تقييد الحريات والنيل من كرامة المواطن وقيمه.
وأكّد القائمون على المبادرة، أن إعلان قیام الجمھوریة السورية الاتحادية، لیس خطوة فریدة في التاریخ، فقد أقدمت شعوب عدیدة على مثل هذه الخطوة، عندما استشعرت خطر التفكك والزوال، فقررت الحفاظ على كل شبر من أرضها. والواقع الحالي يستدعي من الجميع تغليب المصلحة العامة واستنفار كافة الجهود لإعادة تثبيت مفهوم الدولة السورية بصيغتها “الاتحادية”، انطلاقاً من الشمال وصولاً لإعلان نجاح الجمھوریة من دمشق في القریب العاجل.
ويؤكد هذا الإعلان على وحدة سوريا، وإعادة السيادة السورية على كامل ترابها، ويحرص على ضمان حقوق ثقافاتها ومكوناتها القومية والمذھبیة المتعددة، وفقاً للبند الرابع من المبادرة.
وتقوم الجمهورية السورية الاتحادية على توزيع إداري يأخذ بعين الاعتبار الوقائع الجغرافية والثقافية والاقتصادية، بعيداً عن التمييز القومي والطائفي، مع مراعاة خصوصية المكونات السورية، وضمان حماية حقوقها التي تم انتهاكها في كافة عهود الاستبداد، تحت سياسة الاضطهاد والإقصاء التي طالت الكرد الذين يعيشون على أرضهم التاريخية وكذلك حال العرب والسريان الآشوريين والتركمان والقفقاسيين.
اقرأ المزيد: بيان خماسي غربي يندد بدور روسيا في سوريا
بحيث تضم الجمهورية السورية الاتحادية أقاليم جغرافية متآخية مرتبطة ببعضها البعض بمركزية سياسية واحدة هي في العاصمة دمشق. وبحكومات محلية إدارية منتخبة ومنبثقة من سكان كل إقليم من هذه الأقاليم، والتي يمكن أن تكون “إقليم شمالي وأوسط وجنوبي وشرقي، أو أن تكون “إقليم شمالي وأوسط وجنوبي وشرقي وغربي وإقليم دمشق الكبرى”، أو وفق ما تراه الهيئة التأسيسية التي ستنظر في هذا الأمر، مما سيلبي هدفين أساسيين: تحقيق الحياة المعشرية السورية العامة، والعدالة في توزيع الثروة. آخذين بعين الاعتبار حجم الناتج المحلي والثروة وعدد السكان والمزايا النسبية وحاجة كل إقليم من أقاليم الدولة الاتحادية.
اليوم، وبعد مرور 30 شهراً على تلك المبادرة، يفتقر السوريون لحلول وطنية سورية - سورية، مما يسمح للاستبداد بالتمدد وبقاء حكم العسكر على كامل الجغرافيا الممزقة بفعل الصراع والتدخل الخارجي.
الذكرى الحادية عشرة للانتفاضة السورية: بيان خماسي
وفي سياق متصل، أثنت الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها الغربيين فرنسا وألمانيا وإيطاليا والمملكة المتحدة في بيانٍ مشترك بمناسبة الذكرى الـ 11 على انطلاقة الثورة السورية، الذي نشرته وزارة الخارجية البريطانية، "على خروج الشعب السوري بشجاعة وسلمية إلى الشوارع للمطالبة بالحرية والإصلاح السياسي وحكومة تحترم حقوق الإنسان وتدعمها".
إلا أنّ "نظام الأسد قابل تلك المطالب بهجوم وحشي مستمر على الشعب السوري، وبعد 11 عاماً من الموت والمعاناة، حان الوقت للنظام وداعميه، بمن فيهم روسيا وإيران، لوقف هجومهم الوحشي على الشعب السوري".
وشدّد البيان على "الإفراج الفوري عن أولئك المحتجزين على نحو تعسفي وتوضيح مصير وأماكن وجود أولئك الذين ما زالوا في عداد المفقودين" ومواصلة دعم العملية التي تيسرها الأمم المتحدة بقيادة سوريا والمبينة في قرار مجلس الأمن رقم 2254.
وذكر البيان: "سنواصل الدعوة إلى وقف إطلاق النار على الصعيد الوطني واحترام القانون الإنساني الدولي، وكذلك الوصول دون عوائق للمساعدات من خلال جميع الوسائل، بما في ذلك من خلال التفويض المستمر لمجلس الأمن الدولي لآلية المرور عبر الحدود".
لا تطبيع مع الأسد
وبيّنت الدول الغربية في بيانها "نحن لا ندعم الجهود المبذولة لتطبيع العلاقات مع نظام الأسد ولن نقوم بأنفسنا بتطبيع العلاقات، وكذلك لا نرفع العقوبات أو نمول إعادة الإعمار حتى يتم إحراز تقدم نحو الحل السياسي لا رجوع فيه، كما نشجع جميع الأطراف، ولا سيما النظام السوري، على المشاركة بحسن نية في اجتماع 21 آذار/ مارس، للجنة الدستورية وندعو اللجنة لإنجاز تكليفها".
كما رحب البيان "بالجهود المستمرة التي تبذلها المحاكم الوطنية للتحقيق في الجرائم الواقعة في نطاق اختصاصها ومقاضاة مرتكبيها في سوريا، وشجع على زيادة الدعم لهذه المحاكمات".
وبعد أن دخلت الانتفاضة السورية عقدها الثاني، هل يشهد السوريون حلاً يساهم في عودة الاستقرار ونهاية حكم الاستبداد، ويجتمع الخصوم المحليون على خارطة طريق تدعمها الأمم المتحدة والقوى العالمية الكبرى؟
ليفانت نيوز - خاص
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!