الوضع المظلم
الأحد ١٠ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
الرأسمالية.. وتجارة الإنسانية
شامان حامد
التجارة العالمية اليوم نفعية، وإلا لماذا توصّل العلم والبحث الطبي إلى ابتكار نحو عشرة لقاحات وعلاجات لفيروس كورونا في عام واحد، بينما فشلوا أمام أمراض كالإيدز والسرطان وإيبولا والفيروس الكبدي الوبائي منذ عشرات السنين؟ بل لماذا يُطالبون الآن بجرعات مُعززة -ثالثة ورابعة- وسط إخفاق اللقاحات أمام المتحورات الجديدة (دلتا وغاما ومو)؟ مُغلقين الباب أمام لقاحات أثبتت فاعليتها مثل: CIGB-66 الكوبي بفاعلية 92%، واسمهُ العربي "عبد الله"، مأخوذ من "مسرحية عبد الله" التي ألفها شاعر كوبا الشهير خوسيه مارتي، الراحل عام 1895 عن 42 عاماً، والمعروف بميله للعرب لدرجة جعل بطل المسرحية التي ألفها في شبابه، شاب مصري من النوبة، واسمه عبد الله.

ويحتوي هذا النوع من لقاحات "كوفيد-19" على بروتينات "الشوكة" (Spike) عديمة الضرر، وبمجرد أن يتعرّف الجهاز المناعي إليها، فإنّه يصنع الأجسام المضادة وخلايا الدم البيضاء الدفاعية. وكذلك لقاح فينلي إف آر 2 (FINLAY-FR-2)، ولقاح "سوبيرانا 2"، وإذا حصل هذان اللقاحان على التراخيص ستصبح كوبا أول دولة في أميركا اللاتينية تطور لقاحات مضادة لكوفيد-19 وتنتجها على الرغم من الصعوبات التي يواجهها علماؤها بسبب الحظر الأميركي المفروض عليها منذ 1962، والذي تم تشديده في عهد ترامب، حيث باشرت كوبا منذ الثمانينيات بتطوير أدويتها الخاصة. وثمانية من اللقاحات الـ13 التي تستخدمها في حملة التلقيح، محلية الصنع. والسؤال المُلح هنا: أين العرب من ذلك السباق؟.

فالرأسمالية مريضة على أجهزة الإنعاش ووشيك اندثارها.. لكن ببُطء في صورة من أزمات وعراقيل متوالية، لن تكون من صناعة أعدائها، بل بفعل فيروس النرجسية المولود بصحبتها.. ذلك الجشع الماسوني الرأسمالي الذي بدا ضعفهُ وإفلاسه.. بجشع المنظومة العلمية وتقنياتها، خاصة أنظمتها الطبية العالمية التي تتعمد إطالة أمد الوباء لأقصى مدى زمني ممكن حتى تحقق أرباحاً خيالية ولو على جثث الضحايا.. وذلك سبب لاختفائها إذا اختفى المرض من العالم. وربما يأتي اليوم الذي تفرّ منه رؤوس الأموال من أمريكا لتُغلق باب هيمنتها على أسواق العالم مع اقترب اكتمال طريق الحرير الصيني والطريق الروسي الشمالي.

أجل يسعى العلماء والأطباء دوماً إلى حماية البشرية من مسوقي الأمراض وهذه رسالتهم، بإيجاد اللقاحات والأدوية التي تنفع البشر وتقضي على آلامهم أو تستأصل المُسبب، لفهم البشر وحقيقة ردات فعلهم تجاه بيئاتهم، التي أغلبها تجارب، في ظاهرها الرحمة وفي باطنها العذاب من قبل عالم مادي، فرضت عليه قلة رأسمالية قوانين اعتقدوا أنها تحمي البشر وتحدد أخلاقيات البحث العلمي، الذي تحول أغلبهُ إلى وحش مراده أو أهدافهُ الأولى المكاسب المادية والمعنوية، متناسياً إنسانيته وأخلاقيات مهنته، وهم لا يعلمون أن الله بالمرصاد.

فجائحة كورونا أتت بمعاييرها، كغيرها من الأوبئة والأمراض التي تنتشر على نطاق واسع، والمرحلة المقبلة تتطلب إنسانية قبل كُل شيء بخطوات عملية ليس فقط من أجل التوعية الطبية وغرس ثقافتها النفعية، بل من أجل تحقيق المنافع البيئية، والاقتصادية أيضاً لحماية الإنسانية التي هُم جزء منها.



ليفانت - شامان حامد

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!