الوضع المظلم
الجمعة ٠٨ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
السوداني وجرَّة القلم
 صبحي ساله يي

بعد صراع وخلاف ولعب بالأوراق وخلطها، ونشر أخبار يومية وتصريحات مخدرة وخادعة ومضللة للرأي العام، وتهديدات بالحرب الأهلية تارةً، والمسيرات والصواريخ تارةً أخرى، وبعد الوقوف لسنة عجفاء كاملة أمام الخطر المفتوح على كل الاحتمالات جراء الاستخفافات المتعمدة بنتائج الانتخابات النيابية والمهل الدستورية والقيم الديمقراطية، خاصة فيما يتعلق بتقاسم المناصب العليا وتشكيل الحكومة في المهلة المقبولة، وجد العراقيون أنفسهم أمام انقلاب مفاجئ في موازين القوى.

ما كان هذا الانقلاب أن ينجح ويرى النور ويؤدي إلى ولادة قيصرية لحكومة إطارية برئاسة محمد شياع السوداني. لولا انسحاب الصدريين من الساحة السياسية والتوقيع على ورقة الاتفاق السياسي من قبل أحزاب الإطار التنسيقي الشيعي والكورد والعرب السنة، وما كان الكورد والعرب السنة يقبلون التوقيع على هذه الورقة والمشاركة في الحكومة لو لم يؤمنوا بضرورات إتاحة فرصة جديدة للبحث عن الحلول بالحوار والتفاهم ونبذ العصبية والتطرف، ولو لم يحصلوا على ضمانات موثقة بتنفيذ مطالبهم القانونية والدستورية خلال مدد محددة.

هؤلاء ساندوا السوداني وتمنوا أن يصبح استثناء في المشهد السياسي العراقي المليء بالعواصف الكارثية، وربما السوداني أيضاً تمنى أكثر من ذلك. ولكن الواقع المفروض والتوجهات السياسية المذهبية والمجاميع المسلحة والأجندة الخارجية لم تسمح له حتى الآن بأن يكون استثناءً، علماً أن مجيء الاستثناء غير مستحيل في المرحلة العسيرة.

البعض، كما يقال في الإعلام، لا يسمحون لحكومتهم تطبيق البرنامج الحكومي المتفق عليه سواء في الأحداث اليومية أو الاستحقاقات الدستورية. والبعض الآخر يحاولون منعه من أن يصبح استثناءً، أو أن يصدق أنه يتقلد فعلاً منصباً رفيعاً في إدارة العراق، ويريدونه أن يقف حائراً ومربكاً خلال النقاش بينه وبينهم، وأن ينصاع لهم ويحاول استرضاءهم، وأن لا يمتلك مواصفات الرئيس الكاملة وأن يقبل بالتجاوز على هيبته وهيبة حكومته وشعبه، وأن لا يشعر بالقوة أمام نفسه وأمام الآخرين ولا يتحدث برؤية واضحة عن المشكلات الرئيسة التي تواجه العراقيين وعن خطط مواجهتها، وأن لا يستفيد من إخفاقات ونجاحات قادة وشعوب بعض دول العالم، رغم أن لكل دولة تجربتها الخاصة في حل المشكلات. وألا يطرح الحقائق الأساسية والتفاصيل التي تؤكد على أن كل المشكلات يمكن حلها عندما يفكر القائد بضمير حي ويؤمن بضرورات مكافحة الفساد ونشر المساواة والعدالة بين أفراد المجتمع، ولا يريدونه أن يلتزم بالوعد والعهد.

ولكن إذا أراد السوداني أن يكون استثناءً حقيقياً، ومصدراً لقرار يمكن للتاريخ الذي سيدون لاحقاً أن يتخذه مثالاً، عليه أن يؤدي المهمات الملقاة على عاتقه في سبيل تحقيق طموحات العراقيين السياسية والاقتصادية والأمنية، دون أن يصبح دكتاتوراً صارماً أو قاسياً أو ظالماً يسهم في تحول غضب العراقيين إلى ثورة. وأن يتبنى الخيارات السلمية في التعاطي مع الفاسدين و(الاستثنائيين)، وأصحاب الأجنحة المسلحة الذين يمكنهم ابتكار أساليب جديدة بدفعات متنوعة تفشل جهوده وتمنع تنفيذ المطالب الكوردية والسنية، خاصة الفقرات التي تم الاتفاق عليها والتي يمكن تنفيذها بجرة قلم.

 

ليفانت - صبحي ساله يي

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!