-
الصراع الروسي الأوكراني.. إلى أين؟
عندما قرر بوتين أن يعيد بوصلة التاريخ بالحرب على أوكرانيا منطلقاً من مغامرات سابقة في الشيشان عام 2014، والعديد من العمليات العسكرية في الأراضي الأوكرانية سابقاً، بعد احتجاجات الميدان الأوروبي وعزل الرئيس الأوكراني فيكتور يانوكوفيتش عام 2000، والحرب الروسية الجورجية عام 2008، وأيضاً احتلال جزيرة القرم عام 2010، وإجراء استفتاء في القرم من بداية مارس 2014، ثم اندلاع مظاهرات من قبل الجماعات الموالية لروسيا والمناهضة للحكومة في أوبلاست دونيتسك ولوهانسك في أوكرانيا، والتي يطلق عليها عادة «دونباس»، في أعقاب الثورة الأوكرانية عام 2014، حيث فرضت عقوبات اقتصادية أمريكية أوروبية تسببت بانهيار الروبل الروسي وحدوث أزمة مالية روسية انعكست أيضاً على اقتصاديات الدول الأوروبية بخسائر وصلت إلى 100 مليار دولار في عام 2015، والواضح هو أن روسيا تنتهج نسخة حديثة من سياسة بريجنيف، التي تنصّ على أن تكون لأوكرانيا سيادة محدودة، كما حصل مع حلف وارسو، عندما كانت ضمن مجال التأثير السوفيتي.
ولعل سياق الأحداث السابقة ألقى بظلاله على الحرب الروسية الأوكرانية القائمة الآن، وكان من أسبابها تعنت حلف الناتو وواشنطن في إعطاء ضمانات لروسيا حول عدم ضم أوكرانيا أو أي دول أخرى من دول أوروبا الشرقية لهذا الحلف، ودعم الانفصاليين في دونباس، الذين يقعون تحت طائلة صراع مع الحكومة الأوكرانية، التي يتزعمها زيلنسكي، والذي تربطه علاقات وطيدة بواشنطن والناتو، ولكن الجانب الحقيقي خلف هذه الحرب هو الصراع الأمريكي الروسي الصيني، الذي نشهد ملامحه في منطقة البحر الأسود ومنطقة بحر الصين والذي يشكل قلقاً لواشنطن وإدارة الرئيس الأمريكي جون بايدن منذ وصوله للبيت الأبيض، وليخلق ويعيد ترتيب اصطفافات المنظومة الدولية على حساب الهيمنة الأمريكية.
فالرئيس الروسي دخل أوكرانيا متسلحاً بعدة أوراق، منها ترسانة الأسلحة النووية الروسية وأهمية البترول والغاز الروسي لأوروبا، إضافة لهاجسه من النظام في أوكرانيا الذي يشكل تهديداً بسبب علاقاته بحلف الناتو، رغم أن حلف الناتو في هذه الحرب، حتى الآن، لم يقدم الدعم العسكري المطلوب لأوكرانيا في بداية هذه الحرب، وحتى واشنطن، وأبدت رغبتها بعدم حصول مواجهة عسكرية مع روسيا خوفاً من قيام حرب عالمية ثالثة نووية في ظل التلويح الروسي بين الحين والآخر باستخدام السلاح النووي في حال تدخل أي دولة، وهو ما أصاب زيلينسكي بخيبة أمل.
ومما لا شك فيه أن مقاومة الجيش الأوكراني عطلت كثيراً من تحقيق الأهداف العسكرية الروسية في أوكرانيا، وكم العقوبات الاقتصادية التي فرضتها واشنطن، واشتركت معها دول أوربية أخرى بهدف خلخلة الاقتصاد الروسي، الهش أصلاً على الأمد الطويل، وقد يخلق جبهات معارضة في الداخل الروسي لاستمرار الحرب، وكذلك توقيع واشنطن لاتفاقية تزويد أوكرانيا ودعمها بالأسلحة عن طريق السويد وفنلندا، مما سينعكس على بؤرة توسيع الصراع، ولا ننسى أيضاً رغبة فنلندا والسويد بالانضمام لحلف الناتو ونعلم بقربها من الحدود الروسية والتهديدات الروسية بالرد في حال تم انضمام فنلندا لحلف الناتو.
من جانب آخر، المعارضة التركية لانضمام السويد وفنلندا لحلف الناتو وإبداء اعتراض تركيا على ذلك بدافع أن البلدين يحتضنان إرهابيي حزب العمال الكردستاني، الذي تصنفه تركيا وواشنطن والاتحاد الأوروبي، بأنه منظمة إرهابية، وبالتالي فإن تركيا ستقف عائقاً أمام هذا الانضمام، كذلك الاحتكاكات العسكرية لدولة حدودية، كفنلندا، مع روسيا، يعطينا مؤشرات بأن الوضع قابل للاشتعال في أي لحظة، في ظل انشغال حليف روسيا، الصين، بفيروس كورونا.
فلو نجحت واشنطن وحلف الناتو في إطالة أمد هذه الحرب بعد كل هذه الضغوطات الاقتصادية والدعم العسكري لأوكرانيا وفتح جبهة فنلندا والسويد بانضمامهما لحلف الناتو.. فهل سيصمد الدب الروسي في صراع كسر العظم الأوكراني حتى النهاية دون أي انعكاسات داخلية قد تهدد وجود بوتين؟
ليفانت - سعد عبد الله الحامد
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!