-
الطمع والأنانية.. فرِّق تسُد
"إن كان الشر في النفس متأصلاً.. لا يجدي معها معروف وإحسان".
يروي الهنودُ في حكاياهم الشعبية أنَّ الغربان وطيور الِحدآن قد اتفقوا فيما بينهم على تقاسمِ كل شيءٍ يتمُّ الحصول عليه في الغابةِ مُناصفة. وذات يومٍ شاهدوا ثعلباً مجروحاً مُضطجعاً بلا حولٍ ولا قوةٍ تحت شجرة، فتجمهروا حوله.
قالت الِحدآن: سنأخذُ النصف العلوي من الثعلب.
وقالتْ الغربان: ونحن سنأخذُ النصف السفلي.
عندها قالَ الثعلبُ: كنتُ أعتقدُ أن الغربان أذكى من الحِدآن، ولكن تبيَّن الآن لي العكس، لقد تمَّت خديعتهم، فهم أَوْلى بالنصفِ العلوي الذي فيه رأسي ودماغي، وهما أطيب شيء فيَّ.
فقالتْ الغربان: هذا صحيح، لقد تمَّ خداعنا، يجب أن نأخذَ القسم العلوي من الثعلب.
حينها قالتْ الحِدآن: هذا لن يحصل أبداً. لقد اخترنا القسم العلوي أولاً.
ونشبَ قتال بين الطرفين، ماتَ فيه الكثير، ومن خرجَ حياً فقد خرجَ إما جريحاً أو مُنهكاً.
وبقيَ الثعلبُ هناك أياماً يأكلُ ضحايا المعركةِ التي أشعلَها بين الطرفين، حتى استعادَ عافيته وقوته، ومضى في سبيله.
الثعلب عندنا له أكثر من وجه..قلة الضمير، الطائفية، والمذاهب دون الدين، والأنانية والمواقع والكراسي والاستغلال والتعالي والاستكبار والتعنت والتجاهل والاستغباء.
وما أشبه اليوم بالأمس، خلافات هنا وهناك يُزكي نارها أعداؤنا ويصبُّون الزيتَ على نارِ خلافاتنا لو نظرْنا إليها لوجدناها خلافات تافهة على دُنيا لن تأتينا راكعة إلا إذا كُنا يداً واحدة.
علينا أن نكون يد واحدة وجمعَ الفرق المُتناثرة تحت رايةٍ واحدةٍ هو مواطنية المواطن، ومنه القرار الوطني الحر السيد المستقل، لأننا وبكل أسف ما زلنا نعيش في الوطن حالة سداد الفواتير التاريخية القديمة، لأن البعض نسى أو تناسى ما قد قدم على مذبح الوطن من أجل مستقبل أبنائه، والتي قام بها رجال كبار عظماء في الوطن، أكثر من مصالحات تاريخية جريئة والتي سادت التجارب التاريخية التي نجحت، ودفنت صراعات الماضي العقيم الحزين وقررت العمل على بناء حاضر ومستقبل وطن قائم على لغة مصالحة مصالح وطنية مشتركة لا على مصالح ذاتية وأنانية هالكة مدمرة.
وحدنا في الوطن ما زلنا أسرى الماضي السحيق، ما زلنا نعيش حالة "ثأراً دائماً" ثأر وثأر مضاد.. وما زلنا نعيش الخلافات.. مواقع، كراسي، طوائف، ونعيش حالة سداد فواتير، وكأنه علينا فواتير قديمة تاريخياً لم تُسدد بعد، أو فواتير جديدة، محلية وبعضها إقليمية ودولية، تُفتح كل يوم وفواتير تحضر ليستحق وقت دفعها بعد حين، وبين فواتير وفواتير، نبقى أسرى الماضي وبينما يضيع منا الحاضر، ولا مكان لدينا للمستقبل.. نعم وكأنه في هذا الوطن يأتي الفرح على استحياء كعذراء.. ويأتي الحزن سافراً كفاجرة.
اللهم..نستودعك دوماً وطننا وشعبه وأحباءه.
ليفانت - خالد بركات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!