الوضع المظلم
الإثنين ٢٣ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
المراهق «الكبير».. خطة 20/80!
أميرة حبارير

فترة التقلبات العاطفية التي تصيب كثيرا من الناس من نهاية الاربعينيات إلى ما فوق الخمسينيات ليُصبح كلا الجنسين لاسيما الرجل صيدا سهلا لأي امرأة تريد أن تتسلى أو تحصل على أمواله، ليكون هو المراهق، يصاحب ويحب في السر ويسهر ويحلم ويسمع أغاني رومانسية، مصاحباً الشعور أنه قد كبُر وباغته العمر مروراً، ولم يحقق ما كان يحلم به، وكأنه قد شاب قبل أوانه، وبالتالي نري عدداً كبيراً من الرجال والذي بلغ من العمر عتيا يتغيَّر نمط حياتهم، وتصبحُ تصرفاتهم مثار دهشة لمَنْ يحيطون بهم. إنه المراهق «الكبير»، الذي ظل المجتمع في الآونة الأخيرة يعاني من بعض الظواهر السالبة - المخجلة (مراهقة المسنين أو الكبار)، يمشي الهوينى طرباً منتشياً بلا سبب، متأثراً بمرحلة الشباب، فهل السبب الأسلوب التربوي القديم الذي فرض واقعاً معيناً على السلوك؟، أم أنها مشاكل أسرية للرجل والمرأة؟؛ وهل ضعف الحب المتبادل بين الزوجين سبباً فى ظهور المراهقة المتأخرة لبعض أزواجهم؟.

فالزوج الوقور خرج من وقاره ويتصابى بأفعال صبيانية، مهتماً بتفاصيل الوجاهة والمبالغة في هندامه وشعره المصبوغ هرباً من شيبه وعدم نظرة الفتيات الصغيرات له، منمقاً في كلماته الصبيانية وكأنه لم يرى فتاة من قبل، وكأنهُ بل ومحاولاً التحرش بالصغيرات، والأدهى أن أجد من أصحاب العلم أو من أخذوا العلم بلا روح منه، ومن وصل لدرجة بروفيسور، فقد صرنا اليوم نخشى المراهقين كبار السن أكثر من الشباب المراهقين، يبالغون في المعاكسات؛ ولهم طاقة هائلة في الغزل، لأنّ العدّ العكسي بدأ بالنسبة إليه وأصبحت فكرة الموت تراوده، وكأنها تفريغ لأشياء مكبوتة، وقد يكون تأثيرها في مجرى الحياة غير موقّت، إذ قد يكون غير قابل للتعديل، أو تكون رحلة صغيرة تُعيده إلى ما فقده من حياة كان يتمناها.

أتذكر أن إحدى الشاكيات قابلت رجلاً من هؤلاء الوحوش الجائعة، مُقابلة عمل، رأها هو تسليه، بدت عليه النظرات الحيوانية في الكلام وخلافه، مُتحولاً إلى انحلال وانحراف أخلاقي، لولا أنها تحركت بعيداً عنهُ وأهي تنظر إليه نظرة الشفقة لشيبه وقد طعنته بعنف النظرات، ليتجمد مكانه بين الناس في مكان عام،  متمنياً أن تبتلعه الأرض من الخجل، وقد يكون دافعه أسباب عميقة في نفسيته كالحرمان الزائد في التربية وفترة المراهقة، ليؤكد لنفسه والآخرين أنه مازال صغيراً ومرغوباً فيه وهو لا يعلم حقارته إلا في المواقف. وقد يكون السبب النفسي الأعمق للمراهقة المتأخرة سلوكاً دفاعياً ضد الاكتئاب، أي أنه يهرب من الاكتئاب بالخروج والتعاملات والمعاكسة ونمط المراهقة المُتأخرة، وكأن في الأعماق اكتئاباً وفي السطح حالة من الهوس وقد يكون هذا الزوج قد تعرض للتضييق وانتزاع حقوقه في التعبير عن مشاعره في سن المراهقة، لذلك فبلوغ «سن اليأس» أكثر قسوة عند الرجل، بعكس المرأة وهنا يمكننا وصف الرجل في هذه المرحلة بعبارة «جهلة الأربعين أو الخمسين»، فعند الإنتقال من مرحلة الشباب إلى الكهولة يتعرّض لصدمة حقيقية في مرحلة متعارضة مع دورة الإنتاج السريعة وأن المطلوب منه بات قليلاً وعلى الزوجة تفهّم هذا الأمر وأزمة نصف العمر التي ترتبط بالهوية الفردية التي تعود كما في فترة المراهقة بهوايات وأعمال تختلف حسب مجتمعه سببها الاضطرابات والانشغالات النفسية اللاواعي والآتية من الطفولة، ولكن هنا تلعب الزوجة دوراً كبيراً في انحراف زوجها لعدم اهتمامها به واشباع رغباته واهماله جزئياً أو كلياً، أما مراهقة المرأة المتأخر في الدول النامية فهي أقل من الدول المتقدمة بحكم البيئة المحافظة والظروف الاجتماعية والاقتصادية.

فالرجل المتعرض للمراهقة المتأخرة قد يقع في مشكلات كثيرة دون أن يشعر بها كالتورط في علاقات غير مشروعة أو محرمة أو الدخول في إشكاليات في غنى عنه. وهنا هما قسمين من الرجال كلاهما يحتاج للمواجهة والمصارحة الأول عندما يتزوج ويصبح أباً ولديه أسرة تبدأ معه مرحلة المراهقة المتأخرة بسبب الزوجة لم توفر له الجو الملائم، وتبدأ “مفرقعات” الخلافات تنفجر الواحدة تلوى الأخرى إلى أن يحدث الانفجار الكبير!، وهنا يتم التعامل معه عن طريق العلاج الفردي. أما القسم الثاني وهو إدراك الزوجة بأن زوجها حُرم فتحتويه وتبذل كل ما في وسعها لتعيشه في هذا الدور وتقطع عليه الطريق الأول.. وفي كل الحالات حتى لا يبتعد كثيرا، فتعاملي معه بنظرية أو خطة 20/80!، أي ترك الحرية له في ممارسة حياته الخاصة بنسبة 20 %، بشرط الابتعاد عن الانحرافات، و80 % لاهتماماته بأسرته، باحتواء الزوجة له.

وأخيراً: استمتعوا بحياتكم مبكرًا، فالسعادة لا تتكرر فرصها ولا تؤجل، لأي سبب كان، فالعمر يمر والسعادة لا تتكرر، ولا تُدخر كالمال، فعيشوها قبل فوات وقتها، واهتموا بكل تفاصيلها، فالله جميل يُحبُ الجمال.ach
• باحث

ليفانت: د. أميرة حبارير

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!