-
الهدف من زيارة إبراهيم رئيسي لسوريا
كانت هناك تكهنات كثيرة حول زيارة إبراهيم رئيسي لسوريا. خاصة وأن هذه الزيارة تم التخطيط لها بعناية فائقة، وتأتي بالتزامن مع اجتماع بعض وزراء خارجية الدول العربية في العاصمة الأردنية عمّان لإعادة سوريا إلى الحضن العربي، ومحاولة إبعاد بشار الأسد عن النظام الحاكم في إيران.
وكتبت وكالة رويترز للأنباء بهذا الشأن في 3 مايو/ أيار 2023: "تأتي زيارة رئيسي في الوقت الذي تعيد فيه إيران ومنافستها الإقليمية، السعودية، بناء علاقاتهما بعد سنوات من التوتر".
تعمل الدول العربية، التي عزلت سوريا بسبب قمع الاحتجاجات في 2011، على رسم خارطة طريق لإنهاء الحرب المستمرة منذ 12 عامًا وإعادة دمج سوريا في الكتلة العربية.
تاريخ المسألة
منذ عام 2011، عندما بدأت الاحتجاجات والأزمة في سوريا، كان أحد أهداف النظام الإيراني تغيير الجغرافيا السكانية في هذا البلد من أجل تحقيق خططه التدخلية.
كان الدور الخاص لقاسم سليماني كقائد لفيلق القدس الإرهابي ووجوده النشط في سوريا لهذا الغرض، كما اعترف رئيسي بهذه القضية في خطابه بصراحة.
علاوة على ذلك، يمكن استنتاج هذه الخطة والبرنامج بسهولة من خطابات وزير خارجية النظام الإيراني حسين أمير عبد اللهيان.
وقال رئيسي في حديثه عن هذه الرحلة: "إن الروح التي تحكم المفاوضات تهدف إلى إزالة الحواجز الاقتصادية والتجارية لرجال الأعمال والناشطين الاقتصاديين في البلدين، كما تم التوقيع على 15 وثيقة تعاون حتى يتم عمل كل شيء لخلق فصل جديد من الأنشطة الاقتصادية والعلمية والتكنولوجية بين البلدين، لم يتم شرح القدرات الاقتصادية في سوريا بشكل جيد حتى الآن، وهذا العمل يتطلب آلية يمكن للمكاتب التجارية الاهتمام بها، حجم التعاون والعلاقات الاقتصادية بين إيران وسوريا لا يتناسب بأي حال مع إمكانيات البلدين وعلاقاتنا السياسية، وعلينا أن نحقق قفزة نوعية نحو تنمية وزيادة العلاقات الاقتصادية والتجارية ".
وحول خطة النظام التوسعية والتدخلية في دول المنطقة وتحديداً في سوريا، قال رئيسي للتلفزيون الحكومي الرسمي: "وبالفعل، ما فعلته فصائل المقاومة وحزب الله اللبناني والقوات الاستشارية للجمهورية الإسلامية الإيرانية والحاج قاسم سليماني شخصياً في سوريا لا يخفى على أحد، وما هو الدور الكبير الذي لعبوه في أمن المنطقة؟".
ثم أضاف: "هذه الرحلة بلا شك نقطة تحول في توسع العلاقات الإيرانية السورية، وسيظهر أثرها في إزالة العوائق وتوسيع التعاون الاقتصادي بين البلدين وحتى في المنطقة قريباً ".
وقال عبد اللهيان وزير خارجية النظام في هذا الصدد: "تم توقيع البرنامج الشامل للتعاون المشترك بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والجمهورية العربية السورية لأول مرة في تاريخ العلاقات بين البلدين، وتم التوقيع على مستوى الرؤساء، وتم النظر في جميع القضايا المشتركة بنظرة استراتيجية وطويلة الأمد".
هذه التصريحات والأعمال المخططة للنظام الإيراني هي نتيجة لأهداف شريرة للنظام لتحقيق (الهلال الشيعي) من أجل بقاء نظام ولاية الفقيه وضد مصالح الشعب الإيراني والمنطقة.
ولا ينبع هذا الإجراء، وبصورة أدق، الرغبة في إظهار الانتصار المزيف، مِن القوّة، بل من الجمود المطلق وعدم القدرة على حل المشاكل داخل إيران.
منذ 7 أشهر، بدأت انتفاضة واحتجاجات الشعب الإيراني في أعقاب مقتل الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني، في منتصف أيلول/ سبتمبر 2022 على يد ما يسمى بدورية إرشاد في طهران.
ومع كل التقلبات، يواصل الشعب الإيراني على مستوى البلاد ترديد شعار "الموت للدكتاتور، والموت لخامنئي، والموت للطاغية، سواء كان الشاه أو المرشد خامنئي".
من الركائز الأساسية للسياسة الخارجية للنظام الإيراني التدخل في دول المنطقة، وهو ما يشار إليه بـ "سياسة الميدان".
وهذا ليس بالأمر الجديد، فمنذ بداية اغتصاب سيادة الشعب في الثورة المناهضة للشاه عام 1979، كان طلب الخميني الصريح أن "الثورة الإسلامية يجب أن تصدر لجميع البلدان من أجل إصلاح شؤون جميع الأمور والقضايا ".
تغيير الجغرافيا الديمغرافية
إن الوجود الشامل للنظام الإيراني في سوريا، وخاصة شراء العقارات في مواقع جغرافية تلبي مطالب خامنئي التوسعية هو تحقيق لهذا الخط، وهو ما يعني تغيير الجغرافيا الديموغرافية في هذا البلد.
مع عدم قدرتهم على الاستجابة لمطالب الشعب الإيراني داخل البلاد، أكد خامنئي ومسؤولو نظامه مرارًا أنه إذا لم نرسم خطًا استراتيجيًا على شواطئ البحر الأبيض المتوسط (على وجه التحديد سوريا ولبنان)، فيجب علينا القتال في مدن إيران.
علاوة على ذلك، أثبتت انتفاضة الشعب الإيراني التي استمرت 7 أشهر الأمر نفسه، أن الحرب الحقيقية هي بين الشعب والنظام القمعي.
إن وجود النظام الإيراني في سوريا لغرض تحقيق رغبات الخميني وخامنئي، والآلية المقصودة هي الاستحواذ على أملاك في سوريا حيث يمكن نشر قواته ومرتزقته.
علاوة على ذلك، في منطقة السيدة زينب، ومن خلال شراء عقارات تعود لسوريين، تم تهديدهم وإجبارهم على الانتقال من موطنهم الأصلي إلى منطقة إدلب، قام بهذا العمل حرس الملالي والقوى الواقعة تحت نفوذه.
في الواقع، بدأ حرس الملالي في تغيير التركيبة السكانية في سوريا من خلال تهجير ملايين المواطنين السوريين من بلادهم.
وتشير أنباء ومعلومات إلى أن القوات التابعة لإيران في سوريا جلبت حقائب مليئة بالدولارات إلى مدينتي حوران والجولان جنوبي هذا البلد، بهدف التجنيد لأغراض سياسية وأيديولوجية، كما قامت ميليشيات النظام الإيراني بتسليم مبالغ طائلة لأهالي السويداء، من أجل دعم نظام بشار الأسد، كما دفع حرس الملالي مبالغ طائلة لعملائه المحليين في منطقة القرفا بهدف تغيير السياق الديني من السنة إلى الشيعة.
وفي هذا الصدد، دفع النظام الإيراني مبالغ مالية لبعض الجماعات والحركات في سوريا بهدف استقطابها سياسياً أو تحويل مذهبها لتسهيل مهام حزب الله اللبناني.
حتماً، ستؤدي مثل هذه الإجراءات إلى تغيير في الهيكل الديموغرافي، ويحاول خامنئي دفع هذا الخط إلى الأمام.
كما تحدث إبراهيم رئيسي إلى عدد من المسؤولين الحكوميين المختارين بعناية حول رحلته إلى سوريا؛ وأطرى على الإرهابي قاسم سليماني الذي تلطخت يداه بدماء عشرات الآلاف من السوريين، وقال: "لولاه لما كنا في هذا الوضع الآن.
ليفانت - نظام مير محمدي
".
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!