الوضع المظلم
الخميس ١٦ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
طاغُوت مُنحرف بصدع استراتيجي
إبراهيم جلال فضلون (1)

الوثيقة المكونة من 11 صفحة بالتفصيل، ومنذ عام 2016، وكأن السيناريو يتكرر كما كان في حرب أكتوبر 1973، عندما استهان القادة اليهود بقدرة المصريين على الحرب، معرضاً لنتنياهو عن تلك الوثيقة التحذيرية من وزير دفاعه آنذاك "أفيغدور ليبرمان"، ولم يأخذ أي من القادة الإسرائيليين حتى رئيس الأركان السابق غادي آيزنكوت، من أن المواجهة القادمة بين إسرائيل وحماس ستكون الأخيرة، ولم يتوقعوا نوايا حماس، بنقل الصراع المُقبل إلى قلب تل أبيب، والتنبؤ بتفاصيل عملية طوفان الأقصى، بما في ذلك احتلال المستوطنات المحيطة بغزة واحتجاز رهائن، وما سيعقبها من أضرار مادية، وجسيمة ستلحق بوعي ومعنويات مواطني إسرائيل وصولاً إلى الانشقاقات الداخلية، والاحتجاجات العالمية.

إنهم لا ينامون لأنهم مرضى بالخوف والرعب حتى ولو لم يكن هناك مقاومة، حتي بعد 6 أيام فقط على تفجر الصراع في غزة، أي في 13 أكتوبر الحالي، بعد مفاجئة مدوية (مَرمَغت الهيبة الأمريكية اليهودية) "بضربة أمامية"، وُصفت بـ"طريقة دقيقة ومُرعبة، وهجوم مروّع حدث بعد سبع سنوات وسيتكرر مراراً وتكراراً حتى ينطق الحجر (يا مسلم ورائي يهودي تعالي اقتلهُ)، لأن وعد الله الحق المنتصر، ومهما وضعت المخابرات الإسرائيلية خطط أو وثائق أخرى لتهجير 2.3 مليون فلسطيني في غزة ونقلهم إلى "مخيمات" "مدن خيام" في شمال سينا، ثم بناء مدن دائمة، وفق وثيقة سرية للمخابرات المحتل (الشاباك) التي نشرها لأول مرة الموقع الإخباري المحلي Sicha Mekomit، وإنشاء منطقة أمنية داخل إسرائيل لمنع النازحين الفلسطينيين من الدخول. وكأنها خطة لإحياء ذكريات النكبة التي تعرض لها الفلسطينيين، حين اقتلع مئات الآلاف من منازلهم عام 1948.

إنها خطة مُعقدة لم يفلحوا فيها ولن تحدث، فأرض مصر مقبرة لكل الغزاة وقد جرب العالم على مر التاريخ، حيثُ أقر واضعو هذا الاقتراح السيء (التهجير القسري) الذي ينم على مراكز تفكير ليست عُليا بل متدنية الغباء، لاسيما أن المجتمع الدولي قد يرفضها، بل وسيكون خطأ فادحاً تهدد بتقويض العلاقة مع شريك رئيس، ألا وهو مصر، وقد يؤدي إلى صدع استراتيجي، وفق كلام مستشارا وزارة الاستخبارات الإسرائيلية سابقاً "يوئيل جوزانسكي"، وهو زميل بارز في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، زادت نبرتها مع دعوة قوات الإحتلال سكان شمال غزة للنزوح إلى الجنوب وعدم العودة ما لم يتم إبلاغهم بذلك، لكن لا الشمال ولا الجنوب في مأمن من سياسة الأرض المحروقة فكلها سواء.

وليست سيناء كما يقول المغرضون أمثال إسحق عبادي، الذي كان في السبعينيات الحاكم العسكري في غزة، أن "سيناء كمنطقة كانت دائماً تعد زائدة وغير مرغوب فيها، وأن مصر يمكن أن تتنازل عنها تحت الضغوط الدولية"، وهو ما حدث ولعنته مصر ورفضتها أمام مغريات كثيرة، منها إسقاط الديون وغيرها، حيثُ استرد المصريون كامل سيادتهم على أراضيهم، ولن يُفرطوا في أقل من ذرة من ترابها الغالي.

إن إحياء تلك الوثيقة التي وضعتها وزيرة الاستخبارات "غيلا جملائيل"، منذ بدء طوفان الأقصى تبرهن على العقول الصهيونية القذرة التفكير، ووافق عليها الأمريكان وشكّلت جزءاً من الدعم المالي، لإقامة منطقة عازلة أطلق عليها "منطقة قاحلة" داخل مصر، والأدهى أنهم يريدونها ألا تكتسب خطة إخلاء سكان غزة إلى مكان إقامة جديد خارج القطاع شرعية دولية، لكنهم يؤكدون أنها ستقلل من الضحايا. بل ووضعوا بديلين للحل، أولاهما استرجاع السيطرة على القطاع وتسليمها للسلطة الفلسطينية، والثاني إقامة "سلطة عربية محلية" من بين سكان قطاع غزة الذين سيبقون في بيوتهم بعد إسقاط سلطة "حماس"، لكن هذا الاقتراح يعتبره الخبير العسكري، أنشيل فيفر خيالياً وبعيد المنال، يقول "من أجل إنهاء الحرب الطويلة المتوقعة لإسرائيل في غزة، لن يكون هناك خيار سوى الانفتاح مجدداً على عملية سياسية تطرح حلاً، حتى لو لم يكن غير كامل. هذا الحل يجب أن يشمل أيضاً إجابة عن المشكلة الأساسية في قطاع غزة، الإطار الجغرافي المصطنع الذي وجد على أساس خطوط وقف إطلاق النار بين إسرائيل ومصر في نهاية حرب الاستقلال. في تلك الفترة تمت مضاعفة عدد السكان المحليين بخمسة أضعاف عن طريق اللاجئين من منطقة الساحل، والآن تعد من المناطق الأكثر اكتظاظاً في العالم".

لقد فكر العالم الماسوني كاملاً في إقامة مناطق استثمارية برعاية أجنبية، لتحييد طريق الحرير الصيني، ومنع الغاز الروسي والإيراني من الوصول لأوروبا لاتي تتقلب في مرارة الشتاء بعد الحرب الأوكرانية الروسية، لذا تفكر وتُخطط الماسونية بإنشاء مشاريع طموحة مثل الجزر الصناعية التي اقترحها من قبل إسرائيل كاتس، وموانئ بحرية وجوية ومنشآت لتحلية مياه البحر وإنتاج الكهرباء، وتوسيع مساحة القطاع أيضاً نحو الجنوب وإقامة مناطق للعيش والصناعة والزراعة في سيناء... إنها يا سادة سيناء، حولها أكثر من 120 مليون نفس تحميها، وقد خلقهم الله أحراراً فاستفيقوا بني صهيون فإن لمصر نبضاً عربياً وقوة سعودية إماراتية بل وإسلامية ذكر الله جنودها رب العباد بأنهم خير أجناد الأرض، فاستفيقوا قبل أن تنصدع الأرض من تحت أرجلكم و"تنخلخ" أرواحكم من بين ضلوعكم، إنها مصر العربية إنها الأمة العربية، إنها القوة المدمرة.

ليفانت - إبراهيم جلال فضلون

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!