الوضع المظلم
الإثنين ٢٣ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
لنتعلم من الآخرين أيها السادة..
سعد الساعدي

في ومضة لها تقول احلام مستغانمي: ( إحدى المتع الرائعة في الحياة، هي أن تُحقق ما يقول الناس أنّك لا تستطيع تحقيقه)..


من هنا نبدأ القول أنَّ مشكلتنا  قبل غيرنا حين نرضخ  لما يرغبه الآخرون رغم عدم قناعاتنا احياناً  بكل شيء، وأيضا قناعتنا  بسفه رأيهم وسذاجة  ما يريدون، وموافقتهم  على حساب  أنفسنا،  مجاملة أحيانا،  أو هو احباطنا  الداخلي المفعم بتراكمات  التخاذل واليأس و ضغوطات شتى وعدم الانبهار  بما صنعه  الآخرون والانفعال  بإبداعهم..


قد نكون محقين  أو مخطئين بكل ذلك نتيجة  تربية عقيمة  ومجتمع لئيم،  أو عدم  إعمال  تفكيرنا  بالمستقبل  والخوف من النجاح؛  لذلك نكبو مرات تلو الأخرى  ونتعثر  ولا نتحرر لننعتق من غلِّ قيود الناس بعدم  ثقتهم بنا.


لقد أشارت الكاتبة الجزائرية أحلام مستغانمي  بشيء من اللوعة المكبوتة  لواقع حال مزرٍ نعيشه يومياً  تريد له التحرر.. ومع هذا حولت اللوعة لأمل متجدد  يدعو لبناء وخلق متعة من متع الحياة  التي  نبحث فيها عن السعادة، لتضع  اباريق نور جديدة  للشباب  والناس المتعبة، ومن عجزوا أو ظنوا انهم عجزوا عن الوصول لأهدافهم. فكم من فاشل أصبح المع نجم  في سماء الابداع، والأمثلة لاتعد أو تحصى؛ فليس كل ما يقوله الناس هو دستور أو مقدس لا يمكن  قفزه  أو التطاول عليه.. وهي هنا، احسن بألف مرة ممن يدعي المثالية، ويعطي نفسه هالات من القداسة، بوقوفه على خرافة قد يكون اساسها أسطورة،  أو بعض أضغاث أحلام تظلّ بها الجماهير مخدوعة، أو تشعل البخور، وترش ماء الورد على قبور ذويها لإسعاد أرواحهم!


كتبتُ ذات مرة في يومياتي ومضة بعنوان النجاح وبقيت احتفظ بها لنفسي؛ أعتقد حانت ساعتها الان، أقول فيها: (توهموا عجزه؛ فابدع بكل شيء).. أحياناً  بعض الناس - بسبب فشلهم - يتمنون الفشل للجميع، وهذه إحدى حقارات  النفس  ودونيتها، حين لا يتمنون الخير للكل.. اليوم كلنا نحتاج من يشجعنا لننجح، مهما كانت انتماءات هذا المشجع وخلفيته الفكرية، ولنتعلم أن لا نحتفظ بقناني عطورنا الفارغة كما قيل، فلقد انتهت صلاحيتها ولم يبقَ إلا بعض الشذا. 


من هنا أرادت مستغانمي ربما أن تؤسس لمشروع  الخير وتوظيف أجمل ما تعتقد أنه دوافع سامية في النفس البشرية، للاندكاك والذوبان والتفاعل بين روحين: روح الفرد المنغمسة بعجزها، وروح  أخرى تضعها بين يديه، يخلع بها  خوفه وتضعضعه، وينطلق بها، ومن جديدها للحياة؛ ليحقق أمانيه ويقول للناس: من كان يظن عجزي فإني قوي، ومن سعى لإيقاف حلمي بحسده فقد حققت أحلامي، اسمعوا يا من غفوتم على الخيبة والكسل، لا تجعلوا كلام الناس هدفاً لكم إلا من عرفتم حبه واخلاصه فاتبعوا نصائحه.. هذه هي الإرادة الحقيقية والواقعية.


بهذه الكلمات، أعتقد اختصرت واختزلت  الكاتبة هموم جيل ربما  من المحبطين، وما يضرّنا أن بقينا نشم عطر ازهار مستغانمي المتجدد، بعيدا عن كل شيء أو كسباحة في عالم جميل انبعثت قوته في زمن التجديد مهما كانت رؤيتها وفلسفتها الحياتية وايديولوجية انطلاقها الفكري؛ فالذي يعنينا هو توظيف معاني الفكر إنْ وجدناه ناصعاً ضمن مسيرة الثقافة الكونية لنا كبشر نعيش على هذه الأرض.


سعد الساعدي

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!