الوضع المظلم
الخميس ١٩ / سبتمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • مسيحيو سوريا: أزمة هوية وتعايش في ظل تدهور الأوضاع الأمنية والاقتصادية

  • تراجع الوجود المسيحي في سوريا يعكس تأثيرات الحرب والتطرف على الهوية التعددية للبلاد، حيث دفعت التهديدات الأمنية والأزمة الاقتصادية الآلاف إلى الهجرة والبحث عن مستقبل أكثر استقرارًا خارج سوريا
مسيحيو سوريا: أزمة هوية وتعايش في ظل تدهور الأوضاع الأمنية والاقتصادية
كنيسة دمرتها الحرب شمال سوريا \ متداول \ تعبيرية

في تقرير تحت عنوان "مسيحيو سوريا: مجتمع يتلاشى ببطء"، سلطت صحيفة "لوموند" الفرنسية الضوء على الأوضاع المأساوية للمسيحيين في سوريا، مشيرة إلى أن الحرب المستمرة، إلى جانب تصاعد الجماعات الجهادية وغياب عمليات إعادة الإعمار الفعالة، أدت إلى تقويض الهوية التعددية للبلاد التي كانت مهدًا للديانة المسيحية. 

وأشارت الصحيفة إلى أن مدينة دير الزور، الواقعة على أطراف البادية السورية قرب الحدود العراقية، باتت تحتوي اليوم على سبعة مسيحيين فقط، ولم تعد أي من العائلات المسيحية الـ300 التي فرت من المدينة في عام 2013 بعد سقوطها في أيدي جهاديي جبهة النصرة، ومن ثم منافسيهم من تنظيم داعش، مما جعل العودة شبه مستحيلة حتى بعد إعادة بناء الكنائس. 

اقرأ أيضاً: تصاعد هجمات تنظيم "داعش" في سوريا: مئات القتلى في 2024

أحد المسيحيين القلائل المتبقين، والذي غُير اسمه في التقرير إلى "ميشيل"، أكد أن الأجيال الشابة بدأت حياة جديدة في أماكن أخرى، حيث باع العديد منهم منازلهم، فيما احتفظ البعض الآخر بها، ورغم الزيارات المتكررة لقادة الكنائس الشرقية إلى المدينة لتقييم الأضرار، إلا أن ميشيل يرى أن غياب الكنائس والكهنة يحول دون عودة المجتمع المسيحي إلى دير الزور. 

وأوضحت الصحيفة أن الجهاديين، خصوصًا من جبهة النصرة، لم يتوانوا عن تدمير الكنائس والنصب التذكارية المسيحية، بما في ذلك النصب التذكاري الأرمني الذي كان يحتفظ برفات ضحايا الإبادة الجماعية التي ارتكبتها تركيا في عام 1915، ووفقًا لميشيل، "الأتراك هم من طلبوا من جبهة النصرة محو جميع آثار هذه الإبادة". 

في حين أن بعض العائلات المسيحية التي تعيش في الحسكة تحت الإدارة الكردية لم تقرر بعد بيع منازلها، فإن العودة إلى دير الزور تظل بعيدة المنال، خاصة في ظل المساعدات التي تتلقاها تلك العائلات من الجمعيات المسيحية في أماكن أخرى. 

وأثرت الحرب المستعرة في سوريا منذ أكثر من 13 عامًا بشكل كبير على النسيج الاجتماعي والتعددية الدينية في البلاد، فقد انخفضت نسبة المسيحيين من 8% من السكان قبل الحرب إلى 2% فقط اليوم، وفي مدن مثل حلب، لم يتبق سوى 25 ألف مسيحي من أصل 200 ألف كانوا يعيشون فيها قبل اندلاع الصراع. 

ويشير الأب جهاد إلى أن الحرب كشفت أسوأ جوانب الانقسام داخل المجتمع السوري، حيث تم استغلال الدين والسياسة لبث الكراهية والخوف، مما أدى إلى تفاقم هجرة المجتمعات المسيحية وانهيار مبادئ التعايش التي كانت سوريا تحافظ عليها لعقود.

ليفانت-وكالات

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!