Dark Mode
Wednesday, 08 January 2025
Logo
Syrian Jews: Is there a Return?
Natanya muradchai

لا تزال أزقة دمشق وحلب القديمة تروي قصص سكانها اليهود الذين هاجروا منها إلى دولة إسرائيل الجديدة، ولا تزال جدران كنيس الفرنج في جوبر تتردد فيها أنغام "العريضة" التي يغنيها البخشوت قبل صلاة السبت.

ينقسم اليهود السوريون إلى مجموعتين: اليهود المزراحيون القادمون من شرق وشمال أفريقيا، واليهود السفارديم الذين فروا من إسبانيا بعد محاكم التفتيش الصليبية، وخاصة بعد مرسوم الحمراء عام 1492 الذي طرد كل اليهود مع المسلمين من إسبانيا. وصل بعضهم إلى ضواحي دمشق الجنوبية بعد السبي البابلي الآشوري إلى منطقة جوبر، حيث يعتبر أغلب سكانها من نسل بني إسرائيل.

خلال الحكم الفارسي ثم الفترة الهلنستية، أعيد اليهود من المنفى إلى بلاد الشام ومصر. وفي العهد العثماني، سافر العديد من اليهود بين إسطنبول ودمشق. عاش يهود سوريا في وئام وتعايش داخل المجتمع السوري، وكانوا مثالاً للتراث الدمشقي العريق. وقد منحهم إسهامهم الكبير في النهضة الاقتصادية القوية التي شهدتها البلاد مكانة خاصة في المجتمع.

لعب اليهود دوراً مؤثراً في الأمور المالية، فكانت الأسر الغنية بينهم تعمل كمصرفيين لموظفي دمشق. وكان اليهود في دمشق معروفين بتخصصهم في بعض الصناعات، وأبرزها الكبريت والنحاس، وبالطبع الذهب. وكانوا يتحدثون العربية الشامية واللهجة الحلبية إلى جانب العبرية، مما أضفى لمسة فريدة على لغتهم الأم. وكان لهم أيضاً مدرستهم الخاصة في دمشق (مدرسة موسى بن ميمون). وكان موسى بن ميمون (رمبام) أحد كبار الحاخامات بين مفسري التوراة البارعين في الأندلس.

يقع الحي اليهودي في العاصمة دمشق بين باب السارية غرباً وباب توما شرقاً، ويضم العديد من الكنس اليهودية. وتشير التقديرات إلى وجود أكثر من 30 معبداً يهودياً في دمشق، وأهمها كنيس الفرنج في جوبر وكنيس المناصحة الذي أُغلق بعد أعمال العنف ضد اليهود في عام 1947. وبعد ذلك، قمعت الحكومة السورية هجرة اليهود إلى إسرائيل، ولم تسمح لليهود بالمغادرة إلا في ظل ظروف صعبة للغاية. وكثيراً ما كان أولئك الذين حاولوا الهجرة يفعلون ذلك عن طريق التهريب أو دفع مبالغ باهظة لضباط في النظام السوري خلال حكم حافظ الأسد. أما أولئك الذين لم يحالفهم الحظ في محاولات الهروب فغالباً ما وقعوا في أيدي قوات الأمن وواجهوا التعذيب في السجون السورية.

وهذا ما حدث مع اليهودي الدمشقي سليم باسو الذي اعتقلته قوات النظام السوري في عهد حافظ الأسد وقضى عاماً كاملاً في الاعتقال أثناء محاولته تهريب عائلته خارج سوريا، وتعرض لشتى أنواع التعذيب أثناء التحقيق معه.

الحي اليهودي في زمن الثورة والحكومة الجديدة

ولم يبق في دمشق اليوم سوى نحو سبعين يهودياً، بينهم اليهودي الدمشقي المعروف بخور السمانتوب، الذي يفضل العيش في دمشق رغم سفره إلى الولايات المتحدة عدة مرات لزيارة عائلته المقيمة هناك. ويقول بخور في تصريح سابق لإحدى الصحف المحلية السورية: "لقد تعودت على دمشق، والحياة في سوريا بسيطة وغير معقدة، والكنس اليهودية في الحي مغلقة بسبب قلة المصلين". والجدير بالذكر أن بخور السمانتوب أصبح رئيساً للجالية اليهودية في دمشق بعد إقالة خضر الكباريتي وتعيينه من قبل القيادة الجديدة في دمشق.

اليهود السوريون هم الفئة التي تنتظر بفارغ الصبر هدوء العاصفة حتى يتمكنوا من العودة لزيارة منازلهم واستكشاف جذورهم وزيارة قبور أجدادهم في المقابر اليهودية في دمشق وحلب والقامشلي. وهم من بين أولئك الذين عبروا عن فرحهم وسعادتهم بسقوط الطاغية الأسد، وتفاؤلهم بالوضع الحالي الجديد، وهم يرددون باستمرار الصلوات من أجل السلام على أمل العودة إلى أيامهم المجيدة في شوارع دمشق ليعيشوها مرة أخرى.

بقلم: نتانيا مردخاي