-
الكوريتان.. 68 عاماً من الحرب المجمدة دون معاهدة سلام
لم يحمل الربع الأخير من العام 2021، بارقة أمل كبيرة لشعبي الكوريتين، إذ يستمر الصراع البارد تارة، والساخن تارة أخرى، وسط اتهامات متبادلة، بالتوازي مع استفزازات الجارة الشمالية، إن برنامجها النووي أو الصاروخي واختباراتها الفجائية، دون أن يكون هناك صدىً حتى لاحتجاجات المؤسسات الدولية، إذ اعتبرت كوريا الشمالية، في الثالث من أكتوبر الماضي، أن "مجلس الأمن الدولي يطبق معايير مزدوجة إزاء الأنشطة العسكرية بين الدول الأعضاء في الأمم المتحدة"، وأشار مسؤول بوزارة الخارجية، إلى أن "اجتماعاً للمجلس لمناقشة تجربة صاروخية أجرتها بلاده، يمثل انتهاكاً لسيادة كوريا الشمالية"، عقب إطلاق بيونغ يانغ صاروخاً فرط صوتي.
الدبلوماسية المترددة
وبالتوازي مع ذلك الاختبار، أعلنت كوريا الشمالية، بموجب قرار عن زعيمها كيم جونغ أون، أنها ستعيد قنوات الاتصال عبر الخط الساخن مع جارتها الجنوبية، داعية إياها إلى تنشيط الجهود الرامية إلى تحسين العلاقات الثنائية، و"بذل جهود إيجابية لتطبيع العلاقات بين الشمال والجنوب وتنفيذ مهماتها الهامة التي يجب أن تمثل الأولوية لفتح آفاق مشرقة للمستقبل"، علماً أن إغلاق اتصالات الخط الساخن جرى من طرف سلطات كوريا الشمالية في 9 يونيو 2020، ردا على إرسال ناشطين كوريين جنوبيين بالونات هوائية تحمل منشورات دعائية إلى أراضي سيطرة الجانب الشمالي، فيما جرى في يوليو 2021، إحياء الخط لعدة أيام، قبل أن يجري إغلاقه مجدداً، احتجاجاً على تدريبات عسكرية نفذتها كوريا الجنوبية والولايات المتحدة.
اقرأ أيضاً: لتواصله مع الروس.. الائتلاف يعزل الحريري من تمثليه بهيئة التفاوض
مبادرة ردت عليها كوريا الجنوبية بشكل فوري، فقالت في الرابع من أكتوبر، إنها ستعمل على إجراء محادثات رفيعة المستوى مع كوريا الشمالية، قبل نهاية العام، وسط جهود سيئول لتوقيع إعلان رسمي لإنهاء الحرب الكورية، فيما كان قد اقترح رئيس كوريا الجنوبية، مون جيه-إن، في سبتمبر الماضي، خلال خطاب ألقاه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة أن تقوم الكوريتان والولايات المتحدة، وربما تنضم إليها الصين، بإعلان نهاية رسمية لحرب 1950-1953، إذ لا تزال الكوريتان من الناحية الفنية في حالة حرب، والتي انتهت بوقف إطلاق النار وليس بمعاهدة سلام.
ترحيب أمريكي
وقد عقب البيت الأبيض على المبادرة الكورية الشمالية في الخامس من أكتوبر، من خلال الترحيب بعودة قنوات الاتصال بين بيونغ يانغ وسيئول، إذ قالت الناطقة باسم البيت الأبيض جين بساكي : "نحن نؤيد بالطبع الحوار بين الكوريتين والتعامل والتعاون، وسنواصل العمل مع شركائنا في كوريا الجنوبية لهذا الغرض"، مؤكدةً أن هدف الولايات المتحدة لا يزال إخلاء شبه الجزيرة الكورية من الأسلحة النووية بشكل كامل، مضيفة أن واشنطن مستعدة للحوار مع بيونغ يانغ "بدون شروط مسبقة"، وأن الولايات المتحدة قد سلمت لكوريا الشمالية "مقترحات محددة" بشأن إقامة المفاوضات، وأعربت عن أملها بأن ترد كوريا الشمالية بشكل إيجابي على تلك المقترحات.
اقرأ أيضاً: أوروبا واستراتيجية الدفاع البعيد FDI
وبالتوازي، أعلن مدير الأمن القومي بالرئاسة الكورية الجنوبية سوه هون، في الثاني عشر من أكتوبر، أنه يعتزم بحث اقتراح الرئيس مون جيه إن، بشأن إعلان انتهاء الحرب الكورية وقضايا أخرى مع كبار المسؤولين في واشنطن، وذلك بعد وصوله إلى الولايات المتحدة، قائلاً: "مع عودة قنوات التواصل بين الكوريتين للعمل، أعتقد أن هذا هو الوقت الذي علينا فيه التحقق من العلاقات بينهما من جهة، وبين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية من جهة أخرى، وعقد مباحثات شاملة".
بيونغ يانغ والطُعم
لكن لم يدم التفاؤل الكوري الجنوبي والأمريكي طويلاً، حتى اختبرت بيونغ يانغ، في التاسع عشر من أكتوبر، صاروخ باليستي أطلقته من غواصة بنجاح، وبلغ مداه بين 430 و450 كيلومتراً، فيما جعل المبادرة الكورية الشمالية حول إعادة الخط الساخن، موضع تشكيك، وكأنها قررت منح سيؤل وواشنطن طعماً يمنعها من تنفيذ ردود فعل قوية على اختبار الصاروخ الجديد.
فعقبت قيادة منطقة المحيطين الهندي والهادي بالجيش الأمريكي، بإنها تعتبر إطلاق كوريا الشمالية صاروخاً، عملاً مزعزعاً للاستقرار، لكنه لا يمثل تهديداً فورياً للولايات المتحدة أو لحلفائها، فيما قطع رئيس الوزراء الياباني، فوميو كيشيدا، رحلة عمله إلى مناطق البلاد وقرر العودة إلى طوكيو.
اقرأ أيضاً: امتداداً للجسر الجوي السعودي لدعم الشعب الأفغاني.. وصول طائرتين إغاثيتين إلى كابل
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين بساكي خلال مؤتمر صحفي: "ندين إطلاق كوريا الشمالية لصاروخ باليستي... وندعوها للامتناع عن مواصلة الاستفزازات والدخول في حوار مستقر وذي مضمون"، بينما عقد المبعوث الأمريكي الخاص لشؤون كوريا الشمالية سونغ كيم، لقاءً ثلاثياً مع مسؤولين من كوريا الجنوبية واليابان. ووصل مبعوث الولايات المتحدة بشأن كوريا الشمالية في الثالث والعشرين من أكتوبر، إلى كوريا الجنوبية، داعياً كوريا الشمالية إلى "الامتناع عن القيام باستفزازات أخرى والمشاركة في حوار مستدام وملموس".
جهود السلام تذهب سداً
بدورها، انتقدت وسائل إعلام كوريا الشمالية، في الرابع والعشرين من أكتوبر، الاقتراح الأمريكي بإطلاق "حوار دفاعي" جديد مع كوريا الجنوبية، متهمة واشنطن بـ"السعي لزيادة الضغط العسكري" على بيونغ يانغ، وقالت مصادر إن "الولايات المتحدة طرحت فكرة إنشاء منصة حوار غير رسمية خلال المحادثات الدفاعية المنتظمة للحلفاء في سيئول سبتمبر الماضي، في الوقت الذي تضغط فيه واشنطن لحشد حلفائها الديمقراطيين لمواجهة نفوذ الصين المتزايد".
كما حذرت كوريا الشمالية في الثامن والعشرين من أكتوبر، الولايات المتحدة من محاولات نشر "قدرات نووية استراتيجية" في شبه الجزيرة الكورية، لكن تصعيد بيونغ يانغ الاختبارات الصاروخية، لم يبقى مجالاً للسياسة كما يبدو، فأعلن مسؤول عسكري في سيئول بتاريخ الأول من نوفمبر، عن إن كوريا الجنوبية والولايات المتحدة بدأتا تدريبات جوية مشتركة، بإرسال كلّ جانب نحو 100 طائرة، منها مقاتلات إف-15 وإف-16 من كوريا، وإف-16 أرسلتها واشنطن.
اقرأ أيضاً: الأغاني الحزينة من بين أكثر 10 كلمات بحث عنها السوريون بغوغل عام 2021
فيما صرّح الرئيس الكوري الجنوبي، مون جيه إن، منتصف ديسمبر الجاري، بأن بلاده مستعدة مع كوريا الشمالية والصين والولايات المتحدة لإعلان نهاية الحرب الكورية ونقلت "بي بي سي" عن الرئيس مون أن المفاوضات بهذا الشأن لم تبدأ بعد بسبب مطالب كوريا الشمالية، في حين أن كيم يو جونغ، شقيقة زعيم كوريا الشمالية، كانت قد اعلنت في سبتمبر الماضي أن بيونغ يانغ لن تنخرط في حوار، إلا إذا تخلت الولايات المتحدة عما وصفته بـ "السياسات العدائية"، وأوضح الرئيس الكوري الجنوبي أنه بسبب مطالب كوريا الشمالية "لا يمكننا الجلوس لمناقشة إعلان نهاية الحرب أو التفاوض بشأنه، نحن نأمل أن تبدأ المفاوضات".
وعليه، يتوجه العام 2021، إلى نهايته، دون أن يكون هناك نهاية للصراع الكوري الجنوبي والشمالي، الممتد على مدار 68 عاماً.. نهاية لو حصلت، فقد ترسخ الاستقرار في شبه الجزيرة، وتنهي حالة القلق الدائم من حالة الحرب المعلنة، والمجمدة في آن.
ليفانت-خاص
إعداد وتحرير: أحمد قطمة
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
من وحي الساحات في سوريا
- December 19, 2024
من وحي الساحات في سوريا
ليفانت-خاص
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!