-
حين يكون الخصم والحكم واحدًا ماذا عن المنطقة الآمنة ؟!
على صدى أصوات طبول الحرب التي يقرعها أردوغان، ويرقص على أنغامها بعض المرتزقة ممن يسمون على المعارضة من قوى سياسية تعيش حالة من الموت السريري وهي التي لم تستطع أن تنجز شيئاً حتى وهي في أحسن حالاتها، بالإضافة الى هؤلاء الذين يحاولون تسويغ الكارثة التي على وشك الحدوث والمتمثلة بدخول جحافل الجيش التركي وبعض المرتزقة من الفصائل العسكرية لشمال وشرق سوريا، يترقب السوريون من المدنيين الذين يعيشون في شرق الفرات وشمال سوريا، والسوريون عموماً الدقائق والساعات القادمة يخوف وحزن وهم يشاهدون مزيداً من تفاصيل المؤامرة على مستقبلهم وكرامتهم وحلمهم بوطن حر يتسع للجميع يقتله الآثمون بتواطؤ النظام السوري و الروسي والإيراني ويسهله الشلل الدولي، وآخر تفاصيلها العملية العسكرية التي تهدد تركيا بالقيام بها ضمن ما سمته خلق "المنطقة الآمنة" والتي ستؤدي حتماً الى كارثة إنسانية وصدع عميق في الذاكرة السورية والهوية الوطنية. حيث يتم على ما يبدو إعطاء تركيا أردوغان حصتها من الكعكة بموافقة أمريكية وصمت دولي أو ركاكة لا تكترث إلا بضمان عدم نزوح مزيد من السوريين عبر الحدود كلاجئين على أبوابهم، وهو ما يسمونه انشاء منطقة آمنه تضمن عودة جزء من اللاجئين في تركيا إليها بدلاً من حل الأزمة السورية برمتها عبر تطبيق القرارات الدولية ذات الصلة.
ولكن ماذا يعني ذلك وهل هذه المنطقة الآمنة آمنه حقاً ؟ أم أنها فرصة لطالما انتظرها أردوغان للتمدد في سوريا والانتقام من الكرد السوريين أخوتنا وشركائنا في الوطن. حيث لا يمكن أن يكون القاضي والحكم والجلاد واحداً وفقاً لأبسط مبادئ الاخلاق والمنطق والقانون ووهو هنا "الضامن التركي" الذي هو ليس يضامن إلا لمصالحه ولتحقيق انتقام من مكون بشري يعيش في المنطقة، فيما يخلق بشكل واضح حالة صريحة من تضارب المصالح مثلهم مثل النظام والروس والإيرانيين، فالمنطقة الآمنة لكي تكون آمنة يجب أن تكون ناشئة عن قرار أممي وعبر قوات أممية تضمن حفظ السلام ريثما يتم تحقيق التسوية السياسية التي تضمن حقوق كل المكونات السورية بما فيها المكون الكردي وهو ليس الحالة الراهنة لمسار الأحدث ولخطة المنطقة الآمنة التي يتم الحديث عنها.
وبينما يترقب السوريون خروج موقف واضح من هيئة التفاوض المعارضة و التي تشكل التشكيلة الأكبر للقوى السياسية السورية المعارضة، تتخذ تلك الهيئة موقف الصمت الذي لا يخدم على الإطلاق موقف المعارضة قي هذا المفصل الحساس من التاريخ، لآن هذا العبث بمستقبل سوريا وبجزء من تركيبتها الجغرافية والديموغرافية سيعني انحداراً أكبر نحو تناحر أهلي وتعقيدات أكبر للمسألة السورية برمتها ولمصير شعبها ، بالإضافة لجروح عميقة في الجسد والذاكرة السورية وبالتأكيد الكارثة الإنسانية التي ستنتج عنها، جروح لن يكون بسهل ترميمها على الإطلاق، حيث تتطلب اللحظة موقفاً وطنياً إنسانياً واعياً ومسؤولاً وبعيد النظر، موقفاً يلبي المطلوب في هذه المرحلة للضغط باتجاه وقف الحرب الموشكة ووقف مسار أستانة ووصابة تركيا وروسيا وايران على الملف السوري والعودة للمظلة الأممية والضغط باتجاه مسار جينيف بنهج انساني وطني يهدف لتحقيق تسوية سياسية كاملة لن تتحقق فقط بلجنة دستورية ودستور جديد وحده، بل بالسلال الأربع التي تضمن كأولوية تحقيق مرحلة انتقالية يسبقها مبادرات حسن نية تتضمن انفراجات ملموسة في الملف الإنساني وقضاياه وأهمها ملف المعتقلين والمغيبين قسرياً.
برأيي الشخصي لا يمكن الوصول لتسوية سياسية في سوريا حتى يسقط كل السلاح والخيار العسكري برمته من خلال وقف كل العمليات العسكرية سواء من النظام أو الفصائل المحسوبة على المعارضة أو الميليشيات الأثنية الأخرى بمختلف مسمياتها، حيث يمكن الحديث حينها عن وجود قوات حفظ سلام أممية لحماية المدنيين "قبعات زرق"، و من خلال جلوس الجميع دون استثناء الى طاولة المفاوضات تحت اشراف الأمم المتحدة وبقرارات ملزمة وهو ما لن يكون إلا بنهضة وطنية صادقة ومسؤولية من كل الشخصيات والقوى والمكونات تستبعد منها كل الأيادي التي تلوثت بدماء الأبرياء وتقودها شخصيات وطنية تريد حقاً تحقيق انتقال سياسي نحو دولة ديموقراطية تعددية ودولة يحدد شكلها السوريون بكل مكوناتهم دون استثناء ولا تفرض فرضاً على السوريين.
أخيراً.. يتذرع البعض بأن مثل هذه العملية ويقصدون العملية العسكرية التركية الموشكة ستكون سداً في وجه الرغبات الانفصالية التي يتهم بها الأكراد، وهؤلاء يتعامون عن كون تلك العملية بحد ذاتها عملية انفصالية فعلية أعلى من الرغبات بمراحل ستنزع جزءاً من الاراض السورية وتعطيها لتركيا! حيث يجدر العمل الآن على ترميم الثقة بين كل مكونات الشعب السوري بما فيهم الأكراد كما تتطلب المرحلة اشراك جدي لهم في العملية السياسية ورسم مستقبل سوريا وشكلها القادم، ككل المكونات الأخرى دون استثناء بكل حرية وانفتاح وضمان لحقوقهم وحقوق الجميع فيما يتوافق مع الشرعة الدولية لحقوق الإنسان وليس استثنائهم حتى من عضوية اللجنة الدستورية !، تحتاج المرحلة موقفاً مناهضاً لخطاب الكراهية والعنف من قبل الجميع للجميع .
قد تحب أيضا
كاريكاتير
لن أترشح إلا إذا السوريين...
- December 28, 2024
لن أترشح إلا إذا السوريين طلبوا مني..
ليفانت-خاص
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!