-
اقتصاد تركيا على المحك.. الرئيس التركي يعود من قطر بخفّي حنين
أفاد بيان مشترك بين الدوحة وأنقرة: "أن الرئيس التركي أردوغان وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وقعا 15 اتفاقية في مجالات تتراوح بين الإعلام وإدارة الكوارث وتعهدا باستكشاف مزيد من السبل لتعزيز الروابط الاقتصادية والتنسيق المالي.
لقد وافقت قطر على تمديد اتفاقية مبادلة عملات مع تركيا، ضاعفتها الدوحة ثلاثة أمثال إلى 15 مليار دولار العام الماضي، وتهدف الاتفاقية إلى تعزيز الاحتياطيات الأجنبية لتركيا واستقرار الليرة. حسب البيان المشترك، الذي لم يشر إلى زيادة حجم المساعدة المالية المباشرة.
اقرأ أيضاً: مشكلة “شكلية” تثير نزاعاً بين أيرباص والخطوط القطرية
استبقه وزير الخارجية التركي مولود تشاويش أوغلو في إفادة صحفية، الاثنين، إن أنقرة لا تخطط لمطالبة الدوحة بمساعدة مالية، بينما قال نظيره القطري إن الدوحة تبحث الفرص الناشئة عن التحديات الاقتصادية لتركيا.
...
وقبل أن يغادر الدوحة، زار أردوغان الجنود الأتراك في القاعدة العسكرية، وخطب فيهم: "نحن لا نفصل أمن واستقرار قطر عن أمننا واستقرارنا"، ذاكرا مساهمات الدوحة من أجل "الاستثمار في تركيا والتوظيف والإنتاج والنمو الموجه للتصدير".
التشاؤم يطغى على التوقعات
يأتي ذلك وسط انهيار جديد لليرة التركية مقابل الدولار، لتعود من جديد لأدنى مستوياتها أمام العملة الأمريكية، حيث سجلت الليرة التركية أدنى مستوى لها على الإطلاق عند 14.00 مقابل الدولار قبل أيام، بعد تراجع كبير خلال الشهر الماضي.
طغى التشاؤم على التوقعات بشأن الاقتصاد التركي، وتنبأت وكالة التصنيف الائتماني الدولية "فيتش"، بتسارع تضخم أسعار المستهلكين في تركيا إلى 25 في المئة سنويًا في ديسمبر الجاري.
راجعت وكالة فيتش تقديراتها التي كانت عند 17.2٪ في تقرير هذا الأسبوع، وتكهنت أن يبلغ التضخم ذروته في أوائل العام المقبل قبل أن يتباطأ إلى 19 بالمئة بنهاية 2022.
في نوفمبر، ارتفع معدل تضخم أسعار المستهلكين في تركيا إلى 21.3 بالمئة من 19.9 بالمئة في الشهر السابق بعد تراجع الليرة أمام الدولار.
وخفض البنك المركزي التركي أسعار الفائدة إلى 15 بالمئة من 19 بالمئة منذ سبتمبر، مما أثار مخاوف بين المستثمرين وأصحاب الودائع المحليين بشأن الاستقرار الاقتصادي والمالي.
خمّنت فيتش بأن النمو الاقتصادي القوي وارتفاع التضخم والليرة الضعيفة تعني أن سياسات البنك المركزي التركي لسعر الفائدة المنخفضة غير مستدامة. وتوقعت الوكالة الدولية أن يرفع البنك المركزي سعر الفائدة القياسي إلى 17 في المئة خلال عام 2022.
فيما رفع "كومرتس بنك" الألماني توقعاته التشاؤمية للعملة التركية، بحيث يعادل الدولار 15 ليرة في الربع الأول من عام 2022، كما زاد البنك توقعاته لنهاية العام 2023 إلى 16 ليرة.
وقبل أشهر، توقع البنك الألماني أن يتجاوز الدولار 10 ليرات تركية مع نهاية العام الجاري، إلا أن انهيار العملة الوطنية لتركيا فاق التوقعات بكثير، لذا قام "كومرتس بنك" بتحديث توقعاته.
المحلل في كومرتس بنك، تاثا غوس قال: "ليس هناك ما يشير إلى أن صانعي السياسة الأتراك سيتخلون عن سياستهم المتمثلة في خفض أسعار الفائدة للحدّ من التضخم. وقد تتسبب الليرة الضعيفة حتماً في حدوث توتر كافٍ في الميزانية العمومية لتشجيع البنك المركزي التركي على رفع أسعار الفائدة. ومع ذلك، هذا فقط رد فعل مؤقت من قبل الأسواق، ويجب أن ينظر إليه على أنه مؤقت ".
اقرأ أيضاً: أنقرة ومساعي المحاصصة مع دمشق.. زمن المقايضات التي ولّت
يأتي ذلك مع تصميم أردوغان على سياسات الفائدة المنخفضة، بعد ارتفاع مستمر لأكثر من أسبوع". ويتوقع الاقتصاديون ارتفاع التضخم من 20 في المئة حاليًا إلى 30 في المئة بعد السياسة النقدية وانخفاض قيمة العملة.
وتهيمن مخاوف من انفجار اجتماعي في تركيا بسبب تردي الوضع الاقتصادي ومقدرة الأتراك الشرائية، فيما تواصل الحكومة سياساتها، متجاهلة تردي الوضع المعيشي لمواطنيها.
من وجهة نظر الرئيس التركي، فإنّ أسباب ارتفاع معدّل التضخم القياسي الذي بلغ 20 بالمئة هو سعر الفائدة المرتفع، وهو طرح يناقض القواعد العلمية الاقتصادية وسياسات بنوك مركزية عالمية.لأنّ البنوك المركزية عادةً ما ترفع معدل الفائدة مع ارتفاع التضخم لتقليص الإنفاق.
والأسبوع الماضي، خفّض البنك المركزي التركي بضغط من أردوغان معدل الفائدة من 16 إلى 15 بالمئة مع أنّ نسبة التضخم بلغت نحو 20 بالمئة.
يعتبر البنك الألماني أن العناصر المتسببة في أزمة الليرة حالياً هي نفسها العناصر المتسببة في أزمة الليرة خلال عام 2018، وأنه بات من الواضح أن الرئيس التركي أكد مرة أخرى موقفه بشأن اتباع سياسة مالية غير تقليدية.
أوردغان يعود من قطر خالي الوفاض
مع ذلك، رجع الرئيس التركي من زيارته لقطر أمسِ الثلاثاء، بخفّي حنين دون الإعلان عن صفقات كبيرة، رغم العلاقات القوية بين البلدين، حيث دعمت أنقرة الدوحة حين فرضت عليها أربع دول عربية بينها السُّعُودية والإمارات حظراً في منتصف عام 2017 في خلاف تم حله بيناير الماضي بقمة العلا.
واعترضت الدول المقاطعة على وجود القاعدة العسكرية التركية في قطر ودعمها للإرهاب والإسلام السياسي ونقاط أخرى متعلقة بصراعات إقليمية.
...
عام 2019، قفز حجم التبادل التجاري بين تركيا وقطر إلى نحو 2.2 مليار دولار، كما شهد العقد الماضي ارتفاعًا مستمرًا في حجم الصادرات التركية إلى قطر، حيث سجلت معدل نمو هائل بنسبة 587٪ بين 2011 و2019.
توطدت العلاقات الاقتصادية المتنامية بين البلدين مع تعزز تعاون قطر مع الشركات العسكرية التركية بداية من 2002. ومهدت الاتفاقيات التي وقعها البلدان في 2015 الطريق لإنشاء قاعدة عسكرية تركية في قطر. ومع بداية المقاطعة الخليجية لقطر، زاد الوجود العسكري التركي في قطر إلى حوالي 3,000 جندي.
اقرأ أيضاً: نقابة الصحفيين الدنماركيين تحذّر من السفر إلى قطر
بالرغْم من تصريح وزير الخارجية التركي بأنّ أنقرة لا تخطط لمطالبة الدوحة بمساعدة مالية، بيد أنّ تقارير إعلامية تحدثت عن أن الرئيس التركي كان يبحث عن دعم مالي عاجل في أثناء زيارته إلى قطر لمساعدته على الخروج من الأزمة المالية وإنقاذ الليرة من تهاويها المستمر، لكنّه عاد خائباً، وإن كان قد حصل على حفاوة لافتة وكومة من الاتفاقيات التي لا يعرف متى يتم الشروع فيها.
إعداد وتحرير: عبير صارم
ليفانت نيوز_ .finansgundem _ reuters _ الأناضول وكالة الأنباء القطرية
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!