الوضع المظلم
الجمعة ٠٨ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • ذريعة "الأمن القومي التركي" تتمدد من شمال سوريا إلى ليبيا!

ذريعة
أحجية الأمن القومي التركي تتمدد من شمال سوريا إلى ليبيا

حسم البرلمان التركي، اليوم الخميس، مسألة ارسال قوات إلى ليبيا ووافق على مذكرة التفويض الرئاسية لإرسال قوات إلى ليبيا، ووافق البرلمان على المذكرة بأغلبية 325 صوتاً، وجاء ذلك بعدما ناقش البرلمان التركي اليوم مشروع قانون، يسمح بنشر قوات عسكرية في ليبيا وتم التصويت عليه، وذلك بعد أن طلبت حكومة الوفاق برئاسة فايز السرّاج دعماً عسكرياً من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.


وكان الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، وعدة مسؤولين في فريقه أكدوا أكثر من مرة تمسكهم بدعم حكومة الوفاق في وجه الجيش الليبي، وقال أردوغان الأسبوع الماضي إن بلاده تلقت من حكومة الوفاق الليبية طلباً لإرسال قوات إلى ليبيا، مضيفاً بتصميم "سنفعل ذلك"!، كما أضاف "ندعم حكومة الوفاق ضد الجيش الليبي بكل الوسائل". وتابع: "ستتم الموافقة على إرسال قوات إلى ليبيا"، مشدداً على أن "اتفاقيتنا مع الوفاق دخلت حيز التنفيذ بشكل كامل ودونت في سجلات الأمم المتحدة".


التشبه بسوريا مدعاة استهجان..


وعقب سنوات من التدخل التركي في سوريا، عبر تمويل وتسليح جماعات متشددة حملت أسماء وعناوين كثيرة، يبدو أن العالم بات متخوفاً من نموذج سوري جديد قد تطبقه أنقرة في ليبيا، فحذّرت صحيفة فرنسية في الثامن من ديسمبر، من أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يريد تحويل ليبيا إلى “سوريا ثانية” بدعمه للإرهابيين وتوقيع اتفاق أمني مع حكومة الوفاق برئاسة فايز السرّاج، وقالت صحيفة أوبينيون انترناسيونال الفرنسية، إن أردوغان بدعمه لحكومة الوفاق وتقديم الدعم المالي والأسلحة إلى المليشيات الإرهابية في ليبيا، فإنه يتبع النهج نفسه الذي تدخل به في سوريا لتمزيقها.


وأشارت إلى توقيع أردوغان اتفاقين الأول (أمني) والثاني لتقسيم الحدود البحرية مع فايز السرّاج، الذي وصفته بـ”الدمية”، بعد استبعاد اليونان التي تتمتع بحدود مشتركة مع ليبيا، وهو ما يعد انتهاكاً للقانون الدولي، ورأت الصحيفة أن “الاتفاق الخبيث الموقع بين تركيا والسراج فاقد للشرعية لكونه تم خارج إطار الجمعية الوطنية الليبية (البرلمان)، والذي لم يقره بدوره”، كما ذكرت أنه ورغم حظر الأسلحة المفروض على ليبيا، سلمت أنقرة مركبات مدرعة وأسلحة وطائرات بدون طيار إلى التنظيمات الإرهابية المسلحة، حتى أن ضباطًا أتراك حضروا بأنفسهم وتم اعتراضهم من قبل الجيش الوطني وإعادتهم إلى بلادهم، وأوضحت الصحيفة الفرنسية أن هذا الدعم الضخم للمليشيات الليبية يستهدف إسقاط طرابلس، ووقوعها بالكامل في أيدي الإرهابيين وإنهاء الحرب المستعرة منذ أكثر من 5 سنوات لصالح النفوذ التركي.


ونبّهت أوبينيون انترناسيونال إلى التهديدات الإرهابية في ليبيا بدعم أردوغان سيجعل فرنسا قريبة من الدخول في جبهة جديدة ضد الإرهاب بقارة أفريقيا؛ حيث رسمت باريس خط الدفاع الأول في منطقة الساحل الأفريقي ثم الثاني سيكون في ليبيا دعماً للجيش الوطني، وقالت إن العاصمة طرابلس باتت معقلاً للإرهابيين والمتطرفين، والذي يريد “ديكتاتور مضيق البوسفور” -في إشارة إلى أردوغان- إنقاذهم من عمليات الجيش الليبي، منددة باللعبة المزدوجة للرئيس التركي.


الهيمنة عبر التهديد والقوة..


بدورها، رأت مجلة أمريكية في الثالث والعشريين من ديسبمر، أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، يسعى إلى الهيمنة على العالم العربي ومناطق أخرى في الشرق الأوسط ضمن خطة تعتمد على ”التهديد والقوة واستغلال ضعف الخصوم“ والمشكلات السياسية والأمنية الداخلية في المنطقة، وقالت مجلة ”ناشيونال انترست“، في تقرير لها، إن ”أردوغان له طموحات كبيرة في الشرق الأوسط، وسلوكه وتحركاته الأخيرة تأتي في هذا الإطار، خاصة غزوه لشمال سوريا وتدخله في ليبيا وعمليات التنقيب عن النفط مقابل قبرص وتقاربه مع روسيا وإيران وقطر ودفاعه عن المسلمين في الصين وكشمير“.


وقال التقرير الذي جاء تحت عنوان (الخطط الكبرى لتركيا لتحقيق الهيمنة في المنطقة)، إن ”أردوغان بدأ ينتهج سياسة إبراز العضلات في البحر الأبيض المتوسط وأفريقيا وسوريا والعراق في الوقت الذي يسعى بكل جهده إلى تأمين دعم حلف الناتو لسياسته ويقوم في الوقت نفسه بخطوات لتحقيق مزيد من التقارب مع إيران وروسيا وقطر“، وأضاف أنه ”من الواضح أن استراتيجية أنقرة الكبرى في المنطقة تقوم على أساس دمج المبادرات السياسية والعسكرية والاقتصادية في إطار واحد مع استعداد كبير لاستخدام التهديد والقوة لتحقيق أهدافها وخاصة البروز كقوة إقليمية وعالمية والهيمنة على المنطقة“، مشيرة إلى أن ”تركيا تستمد قوتها من أزمات ومشكلات الغير وأنها دومًا تدعي بأنها هي الفائزة“.


تركيا تعزل نفسها..


ويبدو أن السياسات التركية تؤدي بها إلى العزلة، إذ أعد الكاتب السياسي توماس سيبيرت تقريراً لصحيفة "ذي آراب ويكلي" اللندنية في الرابع والعشرين من ديسمبر، أظهر اعتماد تركيا بشكل متزايد على إمكاناتها العسكرية في سياساتها الخارجية مما أدى إلى توترات إقليمية ودولية، وبرز آخر هذه التوترات مع روسيا بسبب احتمال نشر قوات تابعة لها في ليبيا، بعد تعرضها للعزلة بشكل كبير في أوروبا والشرق الأوسط حيث بقيت قطر حليفتها الوحيدة، تستعرض تركيا عضلاتها مع سوريا والشرق الأوسط واليوم في ليبيا.


وتسأل الصحفي أنه حين يكون أسلوب الدولة الديبلوماسي صدامياً، علامَ تحصل؟ على الصدامات، قائلاً أنه تبدو أنقرة على مسار تصادمي مع موسكو حول خطط لنشر قوات من أجل مساعدة حكومة طرابلس المدعومة من الإسلامويين.، وكانت قد نقلت شبكة أن تي في الإعلامية في العشرين من ديسمبر، عن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان انتقاده وجود شركة فاغنر الخاصة في ليبيا إلى جانب المشير خليفة حفتر مضيفاً أنه "لن يكون صواباً بالنسبة إلينا البقاء صامتين ضد كل هذا." وكانت روسيا قد أعلنت في وقت سابق أنها "قلقة جداً" من احتمال نشر قوات تركية في ليبيا، وفقاً لوكالة إنترفاكس.


ورأى سيبيرت أن الحكومة التركية تحاول إسماع صوتها في المنطقة، لكن المقاربة لا تُكسبها أصدقاء وهي بعيدة من أن تطبق شعار "صفر مشاكل مع الجيران" الذي يروج له الموقع الرسمي لوزارة الخارجية التركية، وفي هذا الإطار، قال الباحث غير المقيم في المركز العربي واشنطن دي سي مصطفى غوربوز للصحيفة اللندنية: "يدفع حلفاء أردوغان القوميون إلى النشاط العسكري في شرق المتوسط ضد اليونان وقبرص"، وفي السنوات الأخيرة، أصبح العمل العسكري الأحادي سمة أكثر انتظاماً للسياسة الخارجية التركية مما يضع البلاد على مسار تصادمي مع الجيران والقوى الإقليمية والأطلسية.


ليبيا وأتاتورك..


وتطرق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في معرض تمهيده لتدخل بلاده العسكري في ليبيا في الثاني والعشرين من ديسمبر، بعد توقيعها اتفاقية بالخصوص مع حكومة طرابلس، إلى كمال أتاتورك بإشارته إلى صلته بهذا البلد، واستغل أردوغان الفرصة للحديث عن مؤسس تركيا الحديثة، كمال أتاتورك وصرّح قائلا: "إذا كانت ليبيا لا تعنينا، فماذا كان يفعل أتاتورك هناك؟ وأي نضال كان يخوض واضعا الموت نصب عينيه، إذن فليبيا مكان يجب أن نقف إلى جانبه، بالنسبة لنا، حتى لو كلفنا ذلك أرواحنا عند الضرورة".


وذهب في خطابه الذي ألقاه بعد عودته من زيارة مفاجئة إلى تونس كانت مخصصة للأزمة الليبية، إلى القول إن ليبيا "أمانة العثمانيين ومصطفى كمال أتاتورك"، وفتح بذلك الرئيس التركي صفحات التاريخ العثماني على مصراعيها.


مسلحون وجيش إلى طرابلس..


وفي صدد إرسال تركيا مسلحيها إلى طرابلس، قالت صحيفة "إندبندنت" البريطانية نقلاً عن مسؤولين ليبيين في الثامن والعشرين من ديسمبر، تأكيدهم أن حكومة الوفاق طلبت من تركيا دعماً عسكرياً برياً وبحرياً وجوياً في حربها ضد "الجيش الوطني الليبي" بقيادة خليفة حفتر، مشيرين إلى أن أنقرة، في انتظار مصادقة البرلمان التركي على قرار نشر القوات في ليبيا، لترسل سفناً حربية لحماية العاصمة طرابلس وعسكريين لتدريب عناصر قوات حكومة الوفاق، وهي معلومات أكدها مسؤول تركي بارز في حديث لوكالة "بلومبرغ"، وصرّح المسؤول التركي ومسؤول آخر ليبي لـ "بلومبرغ" بأن من المتوقع أن يذهب إلى ليبيا أيضاً عناصر من المليشيات السورية المسلحة الموالية لأنقرة، وتابع المسؤول الليبي أن حكومة الوفاق عارضت في البداية هذه الفكرة لكنها وافقت عليها مؤخراً في ظل استئناف قوات حفتر تقدمها نحو طرابلس.


وأوضح متحدث باسم حكومة الوفاق لـ "إندبندنت": "ليست لدينا تأكيدات، لأن الرئيس (التركي رجب طيب) أردوغان يحتاج إلى المصادقة من البرلمان، لكننا ندرك أن أنقرة تستعد لإرسال قوات برية وبحرية في انتظار المصادقة"، وكشف المتحدث أن حكومة الوفاق وتركيا تعززان التعاون على مختلف المستويات، مشدداً على أن الحكومة التي تتخذ من طرابلس مقراً لها، تحتاج إلى دعم في حربها ضد قوات حفتر، بيد أن الباحث، مزاحم السلوم، الذي يعمل مع مقاولي الدفاع الخاصين، وناقش الموضوع مع مسؤولين أتراك، أكد لـ "إندبندنت" وجود خطط لنشر مسلحين سوريين في ليبيا، مشيراً إلى أن كبار المسؤولين الاستخباراتيين الأتراك الذين كانوا حتى الآن يشرفون على الملف السوري انتقلوا في الآونة الأخيرة إلى الملف الليبي الذي أصبح أهم أولوية لأنقرة حالياً.


القوميون الأتراك..


ويبدو أن القوميين الأتراك يتفقون مع الإسلاميين الأتراك حول مساعي التمدد خارج الحدود التركية، إذ شدد رئيس حزب "الحركة القومية" التركية، دولت باهتشلي، في بيان في السابع والعشرين من ديسمبر، أن أعضاء حزبه في البرلمان سيصوتون لصالح مذكرة التفويض المتعلقة بإرسال قوات إلى ليبيا، وقال في البيان، إن حزبه يدعم خطوة دعوة البرلمان لعقد جلسة طارئة يوم 2 يناير لمناقشة مذكرة التفويض المذكرة.


وأردف أن أعضاء الحزب الـ49 في البرلمان التركي (من إجمالي 600) سيصوتون لصالح تمرير مذكرة التفويض، ونوّه باهتشلي أن "توفير الأمن لليبيا وسوريا والعراق يعني أن تركيا ستكون آمنة أيضاً" (على حد زعمه)، مدعياً على أن "ليبيا باتت حجر زاوية بالنسبة للأمن القومي التركي"، كما زعم "أهمية وضع حد للجنرال المتقاعد خليفة حفتر الدموي الظلامي الذي يعرض أمن ليبيا والمنطقة للخطر"، بحسبما جاء في نص البيان.


الأمن القومي التركي وعفرين..


ويبدو أن التدخل التركي في ليبيا تحت مزاعم حماية المصالح وحماية الأمن القومي التركي قد شُرعنت عملياً منذ يناير العام 2018، عندما صمت العالم عن أول عملية هجوم بري خاضتها القوات التركية برفقة مسلحين يحملون الجنسية السورية، على "عفرين" ذات الغالبية الكُردية شمال سوريا، حيث فتح الصمت الدولي حينها المجال أمام تركيا للتمدد على حساب السلطات المحلية في مختلف البلاد، بذريعة ملاحقة الإرهاب المزعوم من جانب أنقرة.


والحال كذلك، يبدو أن العالم بات أمام خيارين، أولهما يقوم على إلتزام الصمت أمام الذرائع والحجج التركية للسيطرة على المزيد من البلاد الأقليمية ،وهي (أنقرة) لن تكون عاجزة عن إيجاد حجج جديدة لكل بقعة تريد دخولها.. أو ثانيهما، عبر استصدار قرار دولي يلزم الجانب تركي حدوده، ويجبره على الخروج من كافة المناطق التي يتواجد فيها جيشها خارج الحدود الرسمية للدولة، وعلى رأسها الأراضي السورية التي تأن تحت وطأة مسلحين مدعومين من جانب أنقرة.


ليفانت-خاص


متابعة وإعداد: أحمد قطمة

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!