-
مصانع الصين شبه خالية من عمالها .. والإنتاج يتعثر
يبدو أن الإنتاج بات متعثرا في مصانع الصين التي أصبحت شبه خالية من عمالها، في الوقت الذي أظهرت فيه بيانات جديدة أمس انكماش أنشطة المصانع بأسرع وتيرة على الإطلاق في الشهر الماضي، فيما يشكل أسوأ أداء مما كان عليه الأمر إبان الأزمة المالية العالمية، مما يبرز الأضرار البالغة لتفشي فيروس كورونا في ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
وبحسب "الفرنسية"، قال مكتب الإحصاءات الوطني إن مؤشر مديري المشتريات في الصين نزل إلى مستوى قياسي منخفض عند 35.7 نقطة في شباط (فبراير) من 50.0 نقطة في كانون الثاني (يناير)، منخفضا كثيرا عن مستوى الـ50 الفاصل بين النمو والانكماش.
وتبدو المصانع الصينية خالية من عمالها، إذ تخلو مصانع وندجو التي منحت في وقت من الأوقات لقب "عاصمة العالم للأحذية" من عمالها المحتجزين في مناطقهم كتدبير وقائي لمنع تفشي كورونا، ما جعل الإنتاج في هذه المدينة الواقعة في شرق الصين يواجه صعوبة للانطلاق من جديد.
وفي هذا الوقت من العام، يتواصل الإنتاج عادة في مصنع جودا للأحذية على قدم وساق مع عودة العمال من عطل رأس السنة الصينية الطويلة.
لكن "كوفيد- 19" تسبب في وقف دورة العمل الدؤوبة في هذا الموقع الذي يوظف نحو ألف شخص في وندجو الساحلية، التي تعتمد على التصدير والواقعة على بعد 45 كيلومترا جنوب شنغهاي.
ولم يعد إلى المصنع سوى ربع اليد العاملة، فالآخرون لم يتمكنوا من ذلك بسبب القيود المفروضة على النقل وتدابير الحجر الصحي، وأيضا بسبب الخشية من السفر في ظل احتمال انتقال عدوى "كورونا" إليهم.
وللحد من التأثير الاقتصادي للتفشي، أمرت الصين بتصنيف الخطر في مناطقها إلى "مرتفع" و"متوسط" و"منخفض". ومن المتوقع أن ترفع المناطق ذات الخطر المنخفض القيود عن حركة المرور وتسمح للجميع باستئناف أعمالهم.
وتضم الصين 240 مليون عامل مهاجر، هم من مناطق ريفية يعملون في مراكز التصنيع في جنوب وشرق البلاد، ويعود هؤلاء عادة إلى المناطق التي ينحدرون منها لمناسبة رأس السنة الصينية التي وقعت هذا العام في 25 كانون الثاني (يناير) تزامنا مع بدء إجراءات الحجر الصحي في هوباي (وسط) مهد الفيروس.
ويقر مديرو مصنع جودا لتصنيع الأحذية بأن الوصول إلى قدرة الإنتاج السنوية للمصنع، أي 7 ملايين زوج أحذية، سيحتاج إلى أسابيع.
والوضع في وندجو متوتر على وجه خاص، وهي من أكثر المدن المتضررة من الفيروس خارج هوباي، وفرضت بلدية المدينة مطلع شباط (فبراير) تدابير حازمة بالعزل وقيودا على التنقل.
ويوضح يانج وينجيانج أحد مديري مصنع جودا أن "المصانع التي تريد إعادة إطلاق إنتاجها تعاني نقصا في اليد العاملة. اقتصاد المدينة سيتضرر بشدة، من دون عمال، ولا يمكن أن ننتج وإذا لم ننطلق من جديد، لا يمكن أن نقبل طلبات".
ولا حاجة للأرقام، إذ تكفي جولة صغيرة في المناطق الصناعية في وندجو التي بنت نجاحها على صناعة الأحذية والثياب والنظارات، للتثبت من أن الاقتصاد الصيني، الثاني عالميا، لا يزال مشلولا إلى درجة كبيرة.
وعلى طول "جادة عاصمة الأحذية" (وهو اسمها الرسمي)، نجد عشرات مصانع الأحذية مغلقة أو شبه متوقفة عن العمل، ويعطي ذلك انطباعا بأن المدينة أشبه بمدينة أشباح.
وفي مصنع جودا، يسهل انخفاض عدد الموظفين احترام قواعد السلامة المفروضة في قاعة الطعام، مثل الحفاظ على مسافة مع الآخرين لتفادي أي خطر صحي.
وفي محاولة لدفع العمال إلى العودة، استأجرت الشركة حافلات لجلبهم، حتى ولو كانوا على بعد ألف كيلومتر.
ولا تدفع الشركات المرتبات للعمال الذين لا يعودون إلى العمل، وينتج عن ذلك انخفاض في مداخيل العائلات التي بقيت في الريف، ويروي شانجوين "في قريتي، الناس قلقون. العائدات تنخفض".
وبحسب بكين، استأنفت أغلبية الشركات الصناعية العمل، لكن محللون مستقلون يؤكدون أن ربع العمال فقط عادوا إلى وظائفهم.
ومع العودة التدريجية لليد العاملة، يطمئن أصحاب الأعمال أنفسهم بالقول إن تأثير الفيروس في الاقتصاد لن يكون إلا موقتا.
ويقول وانج جين، صاحب مصنع نظارات "أزور آي جلاس"، إن شركته استعادت 50 في المائة من نشاطها الإنتاجي، وتستعيد 90 في المائة مع نهاية الشهر، ويضيف "إذا نجحنا بحد الخسائر بمستوى 15 في المائة من الأرباح الفائتة، فسنكون مسرورين".
لكن انتشار الفيروس في العالم يثير القلق من انخفاض في الطلب الخارجي، ويشير كريس شيل مدير شؤون الصين في مكتب "سورسينج ألايز" السويدي، الذي يساعد الشركات في العثور على المنتجين في الصين، إلى أن تفشي الفيروس قد يثني المشترين عن الذهاب إلى الصين لتقديم طلبات.
غير أن الانتكاسة قد تدوم، لوقت قصير فقط، فالصين "عازمة تماما على النجاح لدرجة أن مرحلة تراجع قصيرة لن تقف في طريقها".
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!