-
إيران: 3.5 مليار دولار سرقات فولاد مباركة
يسري الفساد في مفاصل الدولة الإيرانية كما يسري الدم في الجسد، وهذا من أعظم المصائب التي يعاني منها الشعب القابع تحت خط الفقر وبنسبة تجاوزت 33 بالمئة، وفقاً لتصريح رئيس لجنة الإغاثة مرتضى بختياري.
ويقود عملية الفساد المنظمة قادة الحرس الثوري والمسؤولون في الحكومة الإيرانية والمجموعة المحيطة بخامنئي وعائلته التي لم توفر جهداً في سرقة المال العام.
وعملية الاختلاس التي حصلت في مجمع مباركة للحديد والصلب في أصفهان تحولت إلى قضية رأي عام نتيجة للأرقام المهولة المسروقة والصادمة، حيث بلغت المسروقات، حسب التقارير الرسمية 3.5، ثلاثة ونصف مليار دولار، وتعدّ هذه الجريمة حالة من مئات الحالات في البلد.
وبعد التحقيق في القضية من قبل الجهات المختصّة عُرض على مجلس الملالي في 16 أغسطس الماضي، تقرير مكون من 300 صفحة حول مجمع مباركة والذي أفاد بوجود انتهاكات وسرقات وصلت إلى 3.5 مليار دولار، أي ما يقارب ثلث القيمة الإجمالية للمجمع في سوق الأوراق المالية الإيرانية وتم تحويل التقرير بعد التصويت إلى القضاء.
يذكر أن مجمع مباركة أصفهان افتتح في يناير 1993، وهو واحد من أكبر الوحدات الصناعية في إيران ويعد القوة الدافعة لما لا يقل عن 3 آلاف مصنع وشركة في البلاد. وينتج هذا المجمع 12.8 مليون طن من الفولاذ سنوياً حتى عام 2019، أي بمعدل 50٪ من إنتاج الصلب في البلاد، والتي يتم تصدير منتجاتها إلى 38 دولة. ويعمل في هذا المجمع حوالي 350 ألف شخص بشكل مباشر وغير مباشر. ومنذ عام 2018 واجهت الشركة العديد من المشاكل بسبب انتشار سوء الإدارة والفساد.
1200 مخالفة
بحسب التقرير، تم اكتشاف ما لا يقل عن 1200 مخالفة في أنشطة شركة مبارك للصلب بين عامي 2018 و2021، وتشمل هذه الانتهاكات أبعاداً ومجالات واسعة من التربح والفساد إلى الهدايا ودفع كبيرة للمؤسسات الحكومية وأئمة الجمعة والبرلمانيين وقادة حرس الملالي والمؤسسات العسكرية والأمنية والإعلام والمسؤولين الحكوميين المعروفين والوزراء. وبحسب وسائل إعلام النظام، فقد حققت هذه الشركة أرباحاً صافية بلغت 4.2 مليار دولار في العام الماضي وحده، وهو ما يعادل مجمل ما يسمى بالدعم الحكومي المقدم للشعب الإيراني بأكمله وثلاثة أضعاف ميزانية البناء في جميع محافظات البلاد.
بعد نشر التقرير، أعلن حجة الله فيروزي، ممثل "فاسا" في مجلس شورى الملالي، في 21 أغسطس في مقابلة مع وكالة أنباء "إيرنا"، أن تقرير "الانتهاكات في شركة مباركة للصلب" قد أُرسل إلى القضاء مؤخراً. وقال: "السلطة القضائية كلفت فرعاً خاصاً للتعامل مع مخالفات شركة مباركة للصلب وسيتم منع المتهمين المحتملين في هذه القضية من مغادرة البلاد". ومع ذلك، في 22 أغسطس الماضي، قال غلام حسين محسني أيجي إي، رئيس السلطة القضائية للنظام، في مقابلة مع وكالة أنباء إيرنا أن تقرير التحقيق الخاص بشركة مباركة للصلب لم يرسل بعد إلى القضاء وهذا يشكل علامة استفهام. وحاول الرئيس إبراهيم رئيسي إلقاء اللوم على الحكومة السابقة وقال في مقابلة مع وكالة أنباء إيرنا: "يجب فصل كل من ثبتت مخالفاته في مباركة للصلب.. ويجب التعامل مع انتهاكات هؤلاء الأشخاص وفقاً للقواعد والأنظمة في الجهات المختصة".
وألقى عضو في لجنة الصناعات بالمجلس باللوم على الرئيس السابق حسن روحاني، وقال لوكالة أنباء تسنيم: جميع الانتهاكات التي ارتكبها مباركة للصلب كانت في حكومة روحاني. وكشف الصحفي رضا حاج حسيني أن "صحيفة كيهان تلقت 12 ألف دولار من شركة مباركة للصلب". وبالنظر إلى أن كيهان مقربة من مكتب علي خامنئي فمن الممكن النظر في دفع الأموال لهذه المجموعة. وخلال مقابلة مع وكالة أنباء إيرنا، كشف علي زاده، عضو هيئة تحقيق مباركة للصلب، عن دور روحاني في التستر على هذه القضية: "من خلال إساءة استخدام منصب الرئيس منع روحاني التحقيق في قضية الجناة. " وعلم روحاني أنه إذا سمح للقضاء بتولي هذه القضية، فسيتعين عليه الرد على أداء نائبه الأول ورئيس مكتبه في شركة مباركه للصلب، ولهذا السبب منع التعامل مع هذه القضية ".
ومن الملاحظ أن جميع أجهزة الدولة متورطة في هذه القضية من عائلة خامنئي إلى قادة الحرس الثوري والمؤسسات العسكرية والأمنية والإعلام والمسؤولين الحكوميين والوزراء المعروفين. ويوضح التحقيق تورط إسحاق جهانجيري، النائب الأول لروحاني، وعباس أخوندي، وزير الطرق والتنمية العمرانية، وزوجة محمود واعظي، رئيس مكتب روحاني، ومهدي تاج، الرئيس السابق لاتحاد كرة القدم. كما تلقت مؤسسة التلفزيون والإذاعة الرسمية للنظام مليون دولار من مباركة للصلب.
العواقب السياسية
إن الانعكاس الواسع للفساد الحكومي في شركه مباركة للصلب في أصفهان، بينما يواجه الناس العديد من المشاكل المعيشية في هذا الوضع، جعل النظام يشعر بالخوف والذعر. وبصرف النظر عن الرقم الكبير لهذا الفساد الحكومي، فإن حجم الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين والمؤسسات الاستخباراتية والأمنية والعسكرية المتورطة في هذه القضية، يظهر أن هناك فساداً منهجياً في هذا النظام، وأن دورة هذا الفساد لا تتوقف عند أي نقطة. من جهته قال أردشير مطهري، عضو مجلس شورى الملالي، إن قضية الصلب في مباركة أصفهان ما هي إلا "قمة جبل الفساد".
ليفانت - علاء الدين توران
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!