الوضع المظلم
الإثنين ٢٣ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
الإرهابي الجولاني قائد الأمة السنيّة
علي الأمين السويد

ظهر الإرهابي أبو محمد الجولاني، زعيم ما يسمى هيئة تحرير الشام، النسخة الحديثة لجبهة النصرة الإرهابية، مجدداً في حفل تخريج مجموعة من المسلحين مجهولي الأسماء، يوم الخميس 12 آب 2021، في مكان ما، بالمناطق التي تسيطر عليها تركيا بمساعدة الجولاني. وألقى الإرهابي زعيم التنظيم كلمة مقتضبة أوضح فيها مهمته الجديدة الموكلة إليه من قبل تنظيم القاعدة الذي يتخذ من إيران، المقر الجديد لقيادات الإخوان المسلمين، مقرّاً له. وبالاستماع إلى الكلمة، يمكن لأي مراقب أن يلاحظ النغمة الجديدة في الخطاب القاعدي والتي تكشف عن الخط الجديد للجبهة، وهي بذات الوقت تؤكد جهل الجولاني عند محاولته استغباء الجمهور.


(1) الكيان السني


بدأ الجولاني حديثه عن "كيان سني" تجب المحافظة عليه، ويتوجب دعمه بتكاتف أبنائه. وقد ذكر كلمة "سني" و"سنة" ثماني مرات خلال أربع دقائق ونيف، التي تشكّل كامل مدة حديثه. ومن الواضح أن الجولاني عاد ليلعب على الوتر الطائفي ليعيد شيئاً من شعبية الهيئة التي وصلت الى الحضيض بسبب تخليها عن إشاعات تتعلق بالجهاد من أجل الهجوم والتحرير، كما كانوا يعدون ويتوعدون.


وقد أكد الجولاني بكل وضوح أن المحافظة على الكيان السني، الذي ظَفِرَ به حتى الآن، أهم بكثير من الحرب على طاغية لم يسمّه، أو الثورة عليه. مما يشير الى تخلّي الجولاني عن حتى النغمة الثورية الطارئة التي درج على استخدامها قُبيل، وبُعيد لقاءاته مع مبعوثي المخابرات الدولية من صحفيين وشخصيات مُقنَّعة. وركّز على أن مهمته الآن هي إرساء أسس كيانه "السني" الطائفي الفاقع. وهذه هي المهمة الأخيرة على ما يبدو. وهي الخطة من شأنها توفير كل الذرائع للنظام الأسدي وداعميه للهجوم العسكري على شمال سوريا بحجة محاربة الإرهاب "السني".



وقد لا أستغرب أن يطلق مصطلح "الثورة السورية السنية" قريباً ليزيل أي سوء فهم أو التباس في الفهم عند من يحارب الإرهاب حقيقة.


(2) المعركة بين الإيمان والكفر


لم تكن الثورة السورية ثورة دينية أبداً، ولم تك جهاداً في سبيل الله، وليست ثورة منتمية الى ما يسمى الربيع العربي، وإنما ثورة شعب ضد نظام ديكتاتوري مجرم، ثار بقصد إزاحته، وإقامة دولة القانون والحريات لكل أبناء الوطن دون تمييز بين أديان، أو قوميات، أو مذاهب، أو فروقات طبقية.


ومع ذلك يصرُّ التنظيم الإرهابي بقيادة المطلوب دولياً، الجولاني، على اختطاف الثورة السورية، وصبغها بالدينية، والطائفية، والعنصرية، والإرهابية خدمة للنظام الأسدي ولأعداء الحرية. ويتجسد هذا الإصرار بتكرار قوله إن المعركة اليوم هي بين "الإيمان والكفر"، أي بين الإيمان بالله، والكفر بالله. فمن كان معه "هو" مؤمن بالله، ومن ليس معه فهو كافر بالله.


فمن قال إن كل من هو في صف الجولاني، مؤمن بالله؟ هل أنزل الله ملكه جبريل بقائمة أسماء "المؤمنين به" إلى الجولاني، أم أرسل له قائمة بالكفار؟ ومنذ متى كان اللصوص، والقتلة، والشواذ جنسياً، وتجار المخدرات الذين يسميهم الجولاني مجاهدين يعرفون معنى الإيمان بالله، أو حتى يعرفون القراءة والكتابة؟ فمعظم المنتسبين إلى الجبهة انتسبوا من أجل المال والسلطة، وليس من أجل الله، ولا بسبب إيمانهم بالله. أما علمياً، فهم من الصغار الذين لم يتجاوزوا العشرين من العمر، وهم أقرب الى الأميَّة إذا ما قيسوا بطلاب المرحلة الابتدائية.


(3) الله شرّف الجولاني بحماية الأمة


يقول الإرهابي الجولاني: “نحن تصدرنا، وشرفنا الله عز وجل بأن نكون حماة للمسلمين" يتحدث الجولاني وكلّه ثقة بأنه لا يوجد شخص حوله يمتلك الرجولة أو الجرأة كي يراجعه في هذا القول. ولا يوجد من يحاسبه على هذا الكذب، الفاضح، على الله. فهو يقول بكل بساطة: "الله شرفني بهذا العمل." وهذه عبارة لم ينطق بها أحد من البشر إلا الأنبياء، ومدَّعو النبوة. فالأنبياء كلفهم الله وشرَّفهم بأداء مهمات عن طريق ملائكته، أو عن طريق مخاطبته لهم بشكل مباشر، بينما المدّعون، مثل مسيلمة الكذاب، قال بأن الله كلفه بالنبوة ولكنه عجز عن إثبات الواسطة، وعجز عن التواصل مع الله كنبي.


وهذا الجولاني، هل هو نبي أم مدّعٍ كذاب أشر؟ المطلوب من الجولاني أن يثبت أن الله شرَّفه بحماية المسلمين، وإن لم يثبت ذلك، فهو كاذب. فليس من المنطقي أن يدعي أي شخص يفعل شيئاً ما، بأن الله كلفه بذلك الفعل، بشكل خطي أو شفوي أو بالمراسلة، وإلا فكل من ادعى النبوة صادق، وكل من قتل باسم الآلهة صادق.


(4) الأمة الإسلامية أم الأمم الإسلامية؟


الحقيقة لا يستحق حديث الجولاني أن يُعلق عليه حينما قال "الأمم الإسلامية". فهو بلا تعليم أساسي، وبلا تعليم إسلامي، ولا تحصيل علمي، وإنما هو خريج مخابرات الأنظمة الدكتاتورية في إيران والعراق وسوريا. ومع ذلك، ربما يعتقد البعض بأن تعبير "الأمم الإسلامية" ليس فيه خطأ، والحقيقة أنه تعبير لا أصل له شرعاً.


فكل من يشهد بالشهادتين ينتمي الى الأمة الإسلامية، وهي "أمة" لأن بشرها يؤمنون بوحدانية الله، وبرسالة النبي محمد. وتسمى هذه الأمة بالأمة الإسلامية، فمن أين أتى الجولاني بتعبير "الأمم الإسلامية" ومن هي هذه الأمم الإسلامية الأخرى؟ هل ممكن أن تكون من بين تلك الأمم، أمة تقول بأن الجولاني مشرّف من الله بحماية المسلمين؟


كما قلت آنفاً، ليس العتب على هذا الجاهل (الجولاني)، وإنما العتب على من حوله ممن يصفون أنفسهم بعلماء ومشايخ المسلمين الذين من واجبهم تصحيح عقيدة المسلمين. ولكنهم في الحقيقة، وعندما يتعلق الأمر بما يتلفّظ به الجولاني، فسيتحول أكبر شيخ منهم إلى دجاجة زراعية همها البيض والنقر.


ليفانت - علي الأمين السويد ليفانت 

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!