-
المُستهلك الأوروبي.. والعبء الاقتصادي الكبير بالشتاء الأخير للغاز الروسي
أشار رئيس وكالة الشبكة الألمانية كلاوس مولر، في الثاني من يوليو الماضي، إلى إن على الألمان الاستعداد وتوقع زيادة كبيرة في رسوم الغاز، لافتاً إلى أن الوضع فيما يرتبط بإمدادات الغاز إلى ألمانيا لا يزال متوتراً، وتبعاً لمولر ضمن مقابلة مع مجموعة Funke الإعلامية، فقد قلصت روسيا، الإمدادات عبر نورد ستريم بنسبة 60%، ووفق رأيه، فإن المشكلات الفنية لم تكن السبب على الإطلاق.
مخاوف أشارت بشكل فعلي إلى ما ينتظر الأوروبيين، الذين تدعم حكوماتهم الجانب الأوكراني في مواجهة الغزو الروسي الذي بدأ في الرابع والعشرين من فبراير الماضي، ولا يزال مستمراً حتى وقتنا الراهن.
اقرأ أيضاً: منطقة اليورو تسجّل تضخماً قياسياً بنسبة 9.1 ٪ وسط أزمة الغاز والطاقة
وقد اختلف تعامل الحكومات الأوروبية مع أزمة الطاقة، فمثلاً، طلبت شركة "مولدوفاغاز" من الوكالة الوطنية لتنظيم الطاقة في مولدوفا، منتصف يوليو، الإذن بزيادة تعريفات الغاز المحلية بحوالي 61.9%، بينما أعلن رئيس مكتب رئيس الوزراء المجري غيرغي غويياش، أن الحكومة المجرية تعلن حالة الطوارئ في مجال الطاقة.
ودعت هنغاريا في وقت سابق، الاتحاد الأوروبي للتوقف عن سياسة العقوبات التي ينتهجها ضد روسيا، والتركيز بدلاً من ذلك على وقف إطلاق النار وبدء المفاوضات، بينما كشفت قناة YLE التلفزيونية، أن فنلندا قد تعاني هذا الشتاء نقصاً في الكهرباء، على خلفية تخليها التدريجي عن مصادر الطاقة الروسية.
الحلول الأوروبية
لكن الحكومات الأوروبية، وبالأخص الرئيسية منها، كألمانيا، تسعى للبحث عن حلول للمنطقة الأوروبية، وقد ذكر المستشار الألماني أولاف شولتس، في الثامن عشر من يوليو، إن القمة التي جمعته مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في برلين، شهدت تفاهماً وتوافقاً مشتركاً حول القضايا التي جرى بحثها، مردفاً خلال مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس السيسي، عقب قمة جمعتهما في برلين، أن مصر تشهد تطورات كبيراً في مجال البنية التحتية، وتشييد والمصانع، بجانب امتلاكها محطات إسالة الغاز الطبيعي، وبيّن أنه لا يمكن الاعتماد على شريك واحد في ملف الطاقة، طالما يتوفر شركاء متعددون.
اقرأ أيضاً: بعد توقف نورد ستريم.. غازبروم تنقل الغاز إلى أوروبا عبر أوكرانيا
من جهته، وصل رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي، بالتوازي، إلى العاصمة الجزائرية لوضع اللمسات الأخيرة على صفقات تعزيز إمدادات الغاز الجزائرية إلى إيطاليا، حيث تسعى إيطاليا لأن تحل الجزائر محل روسيا باعتبارها المورد الرئيسي للغاز لإيطاليا، بعد التوصل إلى اتفاق بين شركة سوناطراك الجزائرية وشركة إيني الإيطالية لزيادة صادرات الغاز، خلال الزيارة التي قام بها دراغي إلى الجزائر في نيسان/ أبريل.
وإلى جانب ذاك، أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، أن الاتحاد الأوروبي يعتزم مضاعفة واردات الاتحاد الأوروبي من الغاز الأذربيجاني "خلال بضعة أعوام"، وكتبت فون دير لاين في تغريدة على "تويتر" في الثامن عشر من يوليو: "الاتحاد الأوروبي يتحول إلى موردي طاقة أكثر موثوقية، أنا اليوم في أذربيجان لتوقيع اتفاق جديد، هدفنا مضاعفة عمليات تسليم الغاز الأذربيجاني إلى الاتحاد الأوروبي خلال بضعة أعوام، (هذا البلد) سيصبح شريكاً أساسياً لأمن الإمدادات وعلى طريق الحياد المناخي".
مقترحات أوروبية
وبجانب خطوات الحكومات الأوروبية، تقدمت المفوضية الأوروبية في العشرين من يوليو، بمقترح، لخفض استهلاك الغاز 15% في دول الاتحاد خلال الفترة من أغسطس إلى مارس، حيث قالت إن إمدادات الغاز الروسي انخفضت بنسبة 30% هذا العام مقارنة بـ 2021، وكررت المفوضية اتهام موسكو باستغلال الطاقة، وذكرت إن روسيا تحاول ابتزازنا وتستخدم الغاز كسلاح ضد أوروبا، مشيرةً إلى أن إقرار الهدف الجديد لخفض استهلاك الغاز في أوروبا سيكون باجتماع في 26 يوليو.
اقرأ أيضاً: غولدمان ساكس.. الغاز سيرتفع في أوروبا إلى مستويات قياسية
ووفق المفوضية الأوروبية، فإن دول الاتحاد تتحضر لشتاء دون الغاز الروسي، لافتة إلى أنها تعمل على البدائل، لكن المقترح لم يلقى قبول كثير ممن الأوروبيين، حيث أعلن المتحدث باسم الحكومة اليونانية يانيس إيكونومو، في الواحد والعشرين من يوليو، أن أثينا ترفض، بينما صوتت هنغاريا، في السادس والعشرين من يوليو، ضد اقتراح الاتحاد الأوروبي لخفض استهلاك الغاز، ووصفت الخطة بأنها "غير قابلة للتنفيذ".
روسيا وخطواتها
أما في روسيا، فقد أطلقت الكثير من التوقعات التي ترمي بشكل أساس إلى زيادة مخاوف الأوروبيين، إذ رجحت شركة "غازبروم" الروسية، في السادس عشر من أغسطس، أن تقفز أسعار الغاز في أوروبا 60% هذا الشتاء، وأردفت الشركة أن أسعار الغاز في أوروبا في الشتاء القادم، مرشحة لأن تصل إلى مستوى 4000 دولار لكل ألف متر مكعب، وذلك بحسب تقديرات متحفظة.
كما أوقفت روسيا، في نهاية أغسطس، إمدادات الغاز عبر خط أنابيب رئيسي إلى أوروبا، ما رفع احتمالات الركود وتقنين الطاقة في بعض دول القارة، عبر نورد ستريم 1 بزعم الصيانة، ما عنى عدم تدفق الغاز إلى ألمانيا بين 31 أغسطس، وحتى يوم الثالث من سبتمبر.
اقرأ أيضاً: مادورو فنزويلا "مستعدة" لتزويد السوق العالمية بالنفط والغاز
لكن وعلى عكس صيانة استمرت عشرة أيام لخط الأنابيب يوليو الماضي، تم الإعلان عن الصيانة الجديدة قبل أقل من أسبوعين فقط، فيما خفضت موسكو فعلاً الإمدادات عبر نورد ستريم 1 إلى 40 بالمئة من قدرته الاستيعابية في يونيو، وإلى 20 بالمئة في يوليو، حيث تلقي موسكو، باللوم على مشكلات الصيانة والعقوبات التي تقول إنها تمنع إعادة معدات وتركيبها، بينما قطعت روسيا الإمدادات عن بلغاريا والدنمارك وفنلندا وهولندا وبولندا تماماً، وقلصت التدفقات عبر خطوط أنابيب أخرى.
تحذيرات رسمية أوروبية
الإجراءات الروسية، دفعت جوزيب بوريل، مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، في الرابع من سبتمبر، للتحذير من شتاء صعب ينتظر أوروبا، وأن والأشهر المقبلة ستكون حاسمة، ذاكراً إن اعتماد أوروبا على الطاقة الروسية قيد قراراتها السياسية وإن الاتحاد الأوروبي يريد التخلص من هذا الوضع.
بالتوازي، قال المستشار الألماني أولاف شولتس، إن بلاده بدأت الاستعداد للتخلي عن موارد الطاقة الروسية منذ ديسمبر 2021، ونقلت قناة "360" التلفزيونية عن المستشار قوله: "سنتخلى عن الطاقة الروسية كما هو مقرر في ديسمبر 2022"، مضيفاً أن ألمانيا ملأت مخازن الغاز تدريجياً، واختارت عدم استخدام الوقود الروسي.
اقرأ أيضاً: انخفاض صادرات روسيا لـ 50 مليار مكعب من الغاز
في حين قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في الخامس من سبتمبر، إن فرنسا ستدعم تحديد سقف لسعر الغاز الروسي الذي يتم توريده عبر خط أنابيب الغاز إذا اقترحت المفوضية الأوروبية مثل هذا الإجراء، وأضاف ماكرون في مؤتمر صحفي مشترك مع المستشار الألماني أولاف شولتس: "إذا قررت المفوضية الأوروبية تحديد سقف لسعر الغاز الروسي الذي يتم توريده عبر خط أنابيب الغاز، فإن فرنسا ستدعم هذا الإجراء"، كما أشار إلى أن فرنسا تدعم مشتريات الغاز المشتركة، مما سيسمح لأوروبا بشراء الوقود الأزرق بسعر أقل.
فيما قالت المفوضية الأوروبية إن تدابير الطوارئ الجديدة للطاقة التي تطورها المفوضية الأوروبية، بما في ذلك إمكانية فرض سقف على سعر غاز الأنابيب الروسي، هي إجراءات مؤقتة، بينما أكد مصدر أوروبي مطلع، أنه من غير المرجح أن تؤيد جميع دول الاتحاد في الوقت الراهن قرار تحديد سقف أسعار الغاز الروسي، وقال المصدر: "الآراء متباينة في دول الاتحاد الأوروبي، ولا أعتقد أن معظم الدول الأعضاء ستدعم هذا القرار الآن، لأنه يجب على الجميع فهم تأثير مثل هذا الإجراء".
اقرأ أيضاً: ألمانيا تعلن إحراز تقدم في محادثات "الغاز المسال" مع الإمارات
وعليه، يبدو واضحاً أن موسكو ستواصل استخدام الغاز كورقة ضغط بالحرب الأوكرانية، بالأخص مع وجود خلاف بين الأوروبيين على طبيعة التعامل الأنسب مع روسيا، وذلك مع الدخول في فصل الشتاء، لكنه غالباً سيكون الشتاء الأول والأخير الذي ستعاني فيه دول منطقة اليورو من نقص الطاقة، مع تحضير الأوروبيين ومصادر الطاقة البديلة، لصفقات ستعوض الغاز الروسي خلال العقود القادمة.
ليفانت-خاص
إعداد وتحرير: أحمد قطمة
قد تحب أيضا
كاريكاتير
من وحي الساحات في سوريا
- December 19, 2024
من وحي الساحات في سوريا
ليفانت-خاص
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!