الوضع المظلم
السبت ٢١ / سبتمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • النووي الأوكراني.. كارثة مُحدقة ولعب روسي على حافة الهاوية

النووي الأوكراني.. كارثة مُحدقة ولعب روسي على حافة الهاوية
النووي الأوكراني وروسيا \ ليفانت نيوز

في ظل الغزو الروسي المستمر للأراضي الأوكرانية، منذ الرابع والعشرين من فبراير الماضي، تتشابك الأزمات على الأراضي الأوكرانية، وترتفع احتمالات مواجهة عسكرية واسعة بين روسيا والغرب، في ظل المخاوف من خطأ ما قد يرتكبه أحد طرفي الصراع ويودي بالبشرية إلى التهلكة.

تهلكة للبشرية، تكمن في استخدام أسلحة الدمار الشامل، أي الأسلحة النووية أو البيولوجية، خاصة أن أوكرانيا تمتلك فعلاً مفاعلات نووية، وقع بعضها تحت احتلال الجيش الروسي، منها محطة زابوريجيا، المحطة النووية الأكبر في أوروبا بأسرها، والتي وقعت في مطلع آذار/مارس تحت احتلال القوات الروسية، وتعرضت بشهر يوليو لعمليات قصف، تبادل الطرفان المسؤولية عنها، ما أثار الخشية من وقوع كارثة نووية.

اتهامات أوكرانية

إذ قال رئيس الوكالة النووية الأوكرانية (إنرجواتوم)، في السادس عشر من يوليو، إن الوضع في محطة زابوريجيا النووية "متوتر للغاية"، وذكر بيدرو كوتين، في مقابلة تلفزيونية: "المحتلون يجلبون أجهزتهم إلى هناك بما في ذلك أنظمة الصواريخ التي قصفوا منها فعلاً الجانب الآخر من نهر دنيبرو وإقليم نيكوبول"، فيما زعمت روسيا من جهتها، أن الجانب الأوكراني من ينفذ هجمات على محيط المحطة النووية، إذ أفادت وكالة "نوفوستي" في العشرين من يوليو، بأن مسيرات أوكرانية هاجمت محطة زابوريجيا النووية.

اقرأ أيضاً: واشنطن ترفض طلب أوكرانيا بفرض حظر شامل على تأشيرات الروس

وقالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية، إن موسكو ناشدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن هجمات المسيرات الأوكرانية على محطة زابوريجيا للطاقة النووية، وتنتظر رد فعل المجتمع الدولي، وأردفت ماريا زاخاروفا، في إفادة صحفية في موسكو: "كييف ومن خلال الهجمات التي تشنها عبر طائراتها بدون طيار، تهدد المنشآت النووية الأوكرانية وتحاول إثارة كارثة نووية في أوروبا"، على حد زعمها.

دعوات أممية لضبط النفس

الاتهامات المتبادلة، دفعت المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي، في الثاني والعشرين من يوليو، للدعوة إلى أقصى درجات ضبط النفس من أجل تجنب وقوع أي حوادث في محطة زابوروجيا للطاقة النووية، مؤكداً أن التقارير حول محطة الطاقة النووية في زابوروجيا تشير إلى أن الوضع هناك أصبح مقلقا أكثر فأكثر، قائلاً: "هذه التقارير مصدر قلق كبير، وتؤكد على أهمية تنظيم بعثة للوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى محطة زابوروجيا للطاقة النووية، وما زلت أبذل قصارى جهدي لتنسيق وقيادة المهمة المتعلقة بالسلامة والأمن والضمانات في محطة الطاقة النووية في أقرب وقت، هذا ضروري بشكل عاجل".

اقرأ أيضاً: الرئيس البولندي دودا في كييف لمناقشة المزيد من المساعدات لأوكرانيا

وأضاف أنه منذ بداية الأزمة في أوكرانيا، حذرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية من خطر وقوع حادث نووي خطير في بلد به 15 مفاعلاً في أربع محطات طاقة نووية عاملة، وتابع: "على ضوء التقارير غير المؤكدة الأخيرة عن الأحداث في أو بالقرب من محطة زابوروجيا للطاقة النووية، إنني قلق للغاية بشأن هذا الخطر الحقيقي للغاية الذي قد يكون له عواقب وخيمة، ومن المهم للغاية عدم اتخاذ أي إجراء من شأنه بأي شكل من الأشكال أن يضر بسلامة هذه المحطة".

الولايات المتحدة على خط الأزمة

بينما طالبت الولايات المتحدة في الثامن من أغسطس، موسكو بوقف كلّ نشاط عسكري داخل المحطات النووية الأوكرانية وحولها، ومنها محطة زابوريجيا التي يحتلها الروس وتعتبر أكبر محطة نووية في أوروبا، وذكرت الناطقة باسم البيت الأبيض كارين جان بيار: "نواصل دعوة روسيا إلى وقف جميع عملياتها العسكرية داخل المحطات النووية الأوكرانية وحولها، وإعادة السيطرة عليها إلى أوكرانيا"، مردفةً: "القتال حول محطة نووية أمر خطير"، مؤكدةً أنه، وفق البيانات، "ليس لدينا أي دليل، لحسن الحظّ، على ارتفاع غير طبيعي لمستويات النشاط الإشعاعي".

ولعل ذلك ما دفع الجانب الروسي في التاسع من أغسطس، للإعلان عن جاهزية بلاده لتنظيم مهمة دولية إلى المحطة، وذلك على لسان ميخائيل أوليانوف، سفير روسيا لدى المنظمات الدولية في فيينا، الذ قال في تغريدة على حسابه الرسمي على تويتر: "مهتمون بأن يكون لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية الصورة الأكثر اكتمالاً وموضوعية للوضع هناك، خاصة في ضوء التأكيدات الغبية بأن الروس يقصفون أنفسهم في المحطة".

اقرأ أيضاً: في ذكرى استقلال أوكرانيا.. أكبر حزمة دعم عسكري أمريكية

لكن ذلك لم يدفع المجتمع الدولي للاطمئنان، إذ اعتبر رافايل غروسي، مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في الحادي عشر من أغسطس، إن الوضع في زابوريجيا بأوكرانيا بأنه "يتدهور بسرعة"، مشدداً على أن "أي عمل عسكري في محيط زابوريجيا يعرض العالم إلى خطر نووي، يجب أن يتوقف حالا".

فيما طالب من طرفه، الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، بإنهاء النشاط العسكري حول مجمع الطاقة النووية في زابوريجيا، وتابع في بيان: "يتعين عدم استخدام المنشأة في إطار أي عملية عسكرية، بدلاً من ذلك هناك حاجة لاتفاق عاجل على المستوى الفني بشأن محيط آمن لنزع السلاح، لضمان سلامة المنطقة"، وهو ما سانده ناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية، بالقول: "تؤيد المطالبات بإنشاء منطقة منزوعة السلاح حول زابوريجيا".

دعوات لروسيا إلى الانسحاب

تلك المطالبات، ساندها أيضاً الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في السادس عشر من أغسطس، عندما دعا القوات الروسية إلى الانسحاب من محطة زابوريجيا النووية في جنوب أوكرانيا، مؤكداً أن "المخاطر" التي يشكلها وجودها على سلامة الموقع، حيث أكد ماكرون "قلقه بشأن التهديد الذي يشكله وجود القوات المسلحة الروسية ونشاطاتها وأجواء الحرب مع النزاعات الجارية، حول أمن وسلامة المنشآت النووية الأوكرانية"، وفق بيان لقصر الإليزيه.

بينما حذّر الرئيس الأوكراني زيلينسكي من وقوع "كارثة" في المفاعل الذي يعد الأكبر في أوروبا، سيهددها بكاملها، قائلاً إن "روسيا لا توقف ابتزازها داخل محطة زابوريجيا للطاقة النووية وفي محيطها، القصف الاستفزازي لأراضي محطة الطاقة النووية يتواصل.. القوات الروسية تخفي ذخيرة وأعتدة داخل منشآت المحطة نفسها، عملياً، فإن المحطة مفخخة".

اقرأ أيضاً: ستة أشهر من نضال وشجاعة أوكرانيا

مضيفاً: "يمكن لأي حادث إشعاعي في محطة زابوريجيا للطاقة النووية أن يضرب دول الإتحاد الأوروبي وتركيا وجورجيا ودولاً في مناطق أبعد، الأمر يتوقف على اتجاه الرياح وشدتها"، مناشداً المجتمع الدولي بفرض "عقوبات جديدة صارمة ضد روسيا" وعدم "الاستسلام للابتزاز النووي"، قائلاً إنه "يجب على القوات الروسية كافة أن تنسحب فوراً ومن دون أي شرط من المحطة والمناطق المحيطة بها".

في حين دعا حلف شمال الأطلسي (الناتو)، في السابع عشر من أغسطس، وكالة الطاقة الذرية إلى "تفتيش" محطة زابوريجيا النووية على نحو عاجل، بحسب ما جاء على لسان أمين عام الحلف ينس ستولتنبرغ، الذي اعتبر نه من "الملح" أن تجري الوكالة الدولية للطاقة الذرية "تفتيشاً" في محطة زابوريجيا.

ترجيحات استخبارية أوروبية

بينما رجح مسؤولون استخباراتيون أوروبيون، في التاسع عشر من أغسطس، أن الروس يستخدمون محطة زابوريجيا النووية في أوكرانيا، كدرع لحماية قواتهم ومعداتهم، مهددين أمن العمليات التشغيلية لأكبر محطة في أوروبا، كما أوضحوا أن ما يحصل يبدو وكأنه خطوات مدروسة من جانب روسيا، لاستغلال الحماية الموفرة للمحطة النووية لتوفير غطاء لجنودها ومنعهم من التعرض لهجوم القوات الأوكرانية، وهو تكتيك يقلل من أمن هذا الموقع الحساس.

كذلك أكدت مصادر أخرى أن موسكو استخدمت مساحة واسعة من المحطة كي يحصل جنودها على قسط من الراحة خلال ساعات الليل، وأطلقت هجمات مدفعية بعيدة المدى من المناطق المجاورة للمحطة، بحسب ما أفادت وكالة "بلومبيرغ".

اقرأ أيضاً: روسيا تعتقل سياسي معارض بسبب تعليقاته حول أوكرانيا

إلى ذلك، كشف المسؤولون أن الاستخبارات الأوروبية ترجح أن تواصل روسيا نشر المعلومات الزائفة لترسم صورة مغلوطة واصفة سلوك أوكرانيا تجاه المصنع بالمتهور، ولفتوا إلى أن المفاعلات النووية داخل المحطة محمية جيداً بحواجز فولاذية وإسمنتية، والتي من شأنها أن توفر بعض الحماية في حال التعرض لأي "غارات طائشة"، بحسب تعبيرهم، مضيفين أن أي ضرر قد يصيب المفاعلات سيكون جراء استهدافها بشكل متعمد، كما أوضحوا أن أهداف روسيا بشأن المحطة لم تتضح بعد، إلا أنه قد يتاح لموسكو استخدام الطاقة التي تولدها كورقة للمساومة مع كييف.

ليفانت-خاص

إعداد وتحرير: أحمد قطمة

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!