الوضع المظلم
الأربعاء ٢٥ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • "الوحش المتضخم".. الإرهاب أكبر التحديات أمام مستقبل القارة السمراء

"الوحش المتضخم".. الإرهاب أكبر التحديات أمام مستقبل القارة السمراء

خاص ليفانت - رشا عمار




خلال عقدين من الزمان تحول الغرب الأفريقي إلى مرتع للتنظيمات الإرهابية، بحكم عوامل كثيرة ساعدت في تخصيب بيئة التطرف والقتال أبرزها الجهل والفقر والعصبية القبلية، لتحول أفريقيا من قارة بكر حالمة بالرخاء والاستثمار، إلى بقعة موبوءة بالدماء والصراعات المسلحة.




خطورة التنظيمات الإرهابية في أفريقيا وخاصة الغرب الأفريقي ومنطقة الساحل والصحراء، زادت بمعدل غير مسبوق بعد الضربات التي تلقاها تنظيم داعش الإرهابي داخل حدوده الجغرافية التقليدية في سوريا والعراق، مما اضطر المئات من أنصاره ومقاتليه إلى الفرار إلى الولايات التابعة للتنظيم بأفريقيا واعتبارها نقاط ارتكاز بديلة بعيدًا عن الحصار الأمني والعسكري الذي تفرضه القوى الدولية على داعش.




ويتوقع مراقبون أن تصبح أفريقيا "أرض الجيل الثالث لتنظيم القاعدة" خاصة في الصومال ومالي ونيجريا، حيث تمكنت من بسط نفوذ كبير معتمدًا على الانتشار الجغرافي والسيطرة التنظيمية.




وفي المقابل يسعى "داعش" لفرض نفوذه في منطقة غرب أفريقيا، خاصة ما بعد مقتل أبو بكر البغدادي وانحسار الفرص المتاحة أمام التنظيم، مع استمرار محاصرته عسكريًا وأمنيًا داخل حدوده التقليدية في سوريا والعراق.




تحتضن القارة الأفريقية ما يزيد عن 64 تنظيمًا إرهابيًا، معظمها ينتمي تنظيميًا إلى القاعدة وداعش، وتختلف التنظيمات الأخرى من حيث الأيدلوجيا والأهداف، وبعضها تنظيمات نشأت على أساس قبلي لخدمة صراعات قبلية بهدف السيطرة على الجغرافيا والموارد.


الصراع بين داعش والقاعدة في غرب أفريقيا..




وفي الوقت الحالي يشهد القرن الأفريقي صراعًا محتدمًا بين داعش والقاعدة بهدف فرض السيطرة، ويرى الباحث المصري المتخصص في شؤون التنظيمات الإرهابية والحركات المتطرفة علي بكر: "تنظيم القاعدة هو الرأس الكبير ذا النفوذ القوي في أفريقيا"، مؤكدًا أنه استطاع فرض سيطرته وقوته في منطقة الساحل والصحراء وكان يخطط إلى جعلها مركز بديل له بعد هزائمه المتكررة في أفغانستان، مشيرًا إلى أن القاعدة نجحت في الانتشار بالغرب الأفريقي اعتمادًا على الانتشار التنظيمي وليس السيطرة المكانية وهو ما يمنحها نفوذ قوي.




أما "داعش" فقد حاولت فرض سيطرتها في أفريقيا من خلال كسب التنظيمات ذات الثقل ومبايعتهم لها وأبرزهم تنظيم بوكو حرام الذي بتحول فيما بعد المبايعة إلى أحدى ولايات داعش، وقال "بكر" لـ"ليفانت": "الأمور تزداد تعقيدًا في منطقة الساحل الأفريقي بسبب التعصب القبلي الذي لا يقبل أي طائفة أخرى ويعتبرها عدو له، مثل الباسينا التي لا تقبل إلا عرقية الفولان، وهي تسعى إلى تحقيق أهداف عرقية وسياسية مثل إعادة إمبراطوريات قديمة أو استعادة الحقوق لبعض الأقليات"، مشيرًا إلى أن الصراعات القائمة على أساس العرق هي أخطر الصراعات التي شهدها التاريخ وتتسم بمراحل من العنف والدموية غير مسبوقة.




وقبل أيام عقدت دول الساحل (مالي وبوركينا فاسو والنيجر وموريتانيا وتشاد)، مؤتمرًا طارئًا في نيامي عاصمة النيجر، من أجل بحث سبل عاجلة لمكافحة الإرهاب المستشري في المنطقة، عقب مقتل نحو 71 جنديًا نيجيرياً في حادث إرهابي من أكثر الحوادث التي شهدتها القارة الأفريقية دموية في الآونة الأخيرة.




وأوضحت دراسة صادرة عن مركز "برق للدراسات" أن الصراع بين تنظيمي "داعش والقاعدة" في منطقة الساحل الأفريقي اتخذ منحنيات جديدة تخطت فكرة جلب المقاتلين واستمالة المتعاطفين، ليصل مرحلة جديدة قد تشهد اقتتال بين التنظيمين لفرض السيطرة على مناطق النفوذ بعد الهزائم المتكررة التي لحقت بكليهما.




مؤشر الإرهاب العالمي وضع أفريقيا في مقدمة المناطق الأكثر تضررًا من الإرهاب خاصة بلدان الساحل الغربي، وهي: مالي وموزمبيق وبوركينا فاسو ونيجيريا، وهي منطقة الساحل في أفريقيا.




ويرجع التقرير الخاص بتصنيف المناطق والبلدان الأكثر تأثرًا بالإرهاب في العالم عام 2018 ازدياد رقعة العمليات المسلحة في الغرب الأفريقي إلى عدم الاستقرار السياسي الذي يمثل المحرك الأقوى لتنامي ظاهرة الإرهاب، وأوضح التقرير أن 95% من العمليات المسلحة التي شهدها العالم تمت في بلدان تعاني بسبب حالة عدم الاستقرار السياسي.




وتعد أبرز الجماعات التابعة لتنظيم القاعدة في أفريقيا: "المرابطون"، و"القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، و"أنصار الدين"، و"جبهة تحرير ماسينا"، و"كتيبة خالد بن الوليد" (أنصار الدين الجنوب)، في المقابل يدين بالولاء لداعش كل من "تنظيم الدولة في ليبيا"، و"بوكو حرام"




تنظيمات القاعدة


كانت الجماعة السلفية للدعوة والقتال من أوائل التنظيمات الإرهابية التي أعلنت مبايعة القاعدة في منتصف يناير/كانون الثاني عام 2007، وسمت نفسها " القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، ثم أعلنت انفصالها عن الجماعة الإسلامية المسلّحة في الجزائر.




وتحت قيادة أبو مصعب عبد الودود تمدد تنظيم القاعدة في بلاد المغرب إلى الجنوب الجزائري ومنطقة شمال مالي، وبوركينا فاسو جنوباً، ثم إلى النيجر التي مثلا فيما بعد قاعدة لتجنيد المقاتلين في تنظيم القاعدة.




وفي ديسمبر/كانون الأول عام 2011 أعلنت جماعة أنصار الدين عن نفسها باعتبارها حركة جهادية تتبنى فكر السلفية الجهادية في مالي، تحت قيادة إياد أغ غالي، وتحالفت بعد عام من تأسيسها مع حركة تحرير إقليم أزوراد شمالي مالي، ويتنمي الأثنين تنظيميًا إلى القاعدة.




وبعد انشقاقه عن القاعدة أعلن مختار بلمختار أخطر الإرهابين المطلوبين في العالم عن تأسيس تنظيم الملثمين، الذي تحالف بعد أشهر قليلة مع جماعة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا، وأسسوا معًا تنظيم "المرابطون" الذي يتزعمه في الوقت الحالي بلمختار.




وفي منتصف عام 2014، أعلنت حركة الشباب الصومالية عن نفسها كفرع لتنظيم القاعدة في الصومال، وحددت أهدافها باستخدام السلاح لإسقاط الحكومة.


داعش تصارع من أجل فرض السيطرة

حاول تنظيم "داعش" البحث عن موضع للسيطرة في غرب أفريقيا حتى إذا اضطر للقتال مع القاعدة، ونجح "داعش" في مارس/أذار 2015 من كسب مبايعة جماعة بوكو حرام، في نيجريا، وعلى الرغم من التصدع الشديد الذي خلفه مبايعه زعيم الحركة أبو بكر شيكاو لداعش، وانشقاق أحد أبرز قادتها وهو عبد الله شيكاو وإعلان عودته للقاعدة، إلا أن بكوكو حرام لا تزال تمثل الخطر الأكبر في منطقة غرب أفريقيا، خاصة مع تصاعد عملياتها في الآونة الأخيرة، وتقف الحركة خلف مقتل ما يزيد عن 20 ألف شخص وتشرّد الملايين.




وتعد بوكو حرام، أو ولاية "داعش" هي الحركة الأكثر دموية في منطقة غرب أفريقيا.

وفي الجزائر أعلنت جماعة "جند الخلافة" ذات النفوذ المحدود مبايعتها لداعش في نهاية عام 2014.

الخطر الأكبر الذي يمثله داعش في غرب أفريقيا هو فرار المئات إن لم يكن الآلاف من مقاتليه إلى تلك المناطق بعد هزيمته في سوريا والعراق في ظل تقديرات تؤكد محاولة تأسيس مركز بديل للخلافة في أفريقيا.




تزايد غير مسبوق في العمليات

شهدت السنوات الأربع الأخيرة 2200 عملية إرهابية وقعت في منطقة غرب أفريقيا، خلفت 11.500 قتيل على الأقل، فضلاً عن ملايين النازحين والمشردين، ومن أبرز العوامل التي تزيد من حدة الصراعات المسلحة في منطقة غرب أفريقيا هي النزعة القبلية حيث يحتدم الصراع بين القبائل على أساس عرقي.

وحتى عام 2000 كان هناك تنظيم إرهابي واحد في منطقة غرب أفريقيا يدعى الجماعة السلفية للدعوة والقتال.


 


وتتكثف الجهود الدولية في الوقت الحالي من أجل إنقاذ القارة السمراء من توغل الإرهاب غير المسبوق.

في ختام القمة الاستثنائية التي عقدها رؤساء وزعماء المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) منتصف سبتمبر/ الماضي، تقرر رصد مليار دولار على مدار خمس سنوات لدعم خطة طموحة لمواجهة الإرهاب في غرب أفريقيا بالمواجهة والتنمية.




وتتبلور خطة مكافحة الإرهاب، وفق ما أعلن عنه حول ثمان محاور رئيسية تتركز معظمها على التنسيق الأمني وتوحيد الجهود من أجل إقرار حل جذري لمكافحة الإرهاب والتطرف في القارة السمراء، كما يستند للتنسيق من أجل تبادل المعلومات الأمنية والاستخباراتية بشكل سريع ودقيق من أجل تحقيق الأهداف المشتركة بهذا الصدد.




ومن خلال رئاستها للاتحاد الأفريقي وضعت مصر برنامجاً طموحاً لمكافحة الإرهاب في أفريقيا يعتمد على التنمية المستدامة وإقرار السلام، ومحاربة الجهل والفقر والتطرف، بالتعاون مع المجلس الأفريقي للسلم والأمن.




وأعلن رؤساء وزعماء الدول الأفريقية خلال الاحتفال بالذكرى الخمسين لتأسيس الاتحاد الأفريقي عن مبادرة "اسكات البنادق" بالقارة السمراء، والتي تهدف إلى معالجة الأسباب الجذرية للصراعات بالقارة، والقضاء على الظروف والعوامل المحفزة لعودتها، مع إيجاد بيئة خصبة لتحقيق السلام والتنمية.


 

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!