-
بريطانيا وأوكرانيا.. شراكة استراتيجية دولية جديدة
منذ استقلال أوكرانيا عام 1991، والتعاون الأمني مع المملكة المتحدة والناتو والغرب، يمثل السمة الرئيسية. مع تطلعات أوكرانيا، للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، تركزت المساعدات المقدمة لأوكرانيا على إصلاح الدفاع والتخطيط وبناء القدرات. ورداً على ضم روسيا لشبه جزيرة القرم والأزمة في شرق أوكرانيا عام 2014، وبناء على طلب من الحكومة الأوكرانية، كثّفت بريطانيا والناتو قدرتها ومشاركاتها العسكرية في شرق أوروبا والبحر الأسود.
قالت وزارة الخارجية الألمانية، يوم 29 ديسمبر2021، إن وزراء خارجية ألمانيا وفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة ناقشوا الوضع على الحدود الأوكرانية وتنسيقات الحوار المقبل مع روسيا. وقالت وزارة الخارجية إن وزراء الخارجية الأربعة ناقشوا أيضا الجولة الأخيرة من المحادثات الدولية في فيينا حول البرنامج النووي الإيراني وكيفية إظهار التضامن مع ليتوانيا فيما يتعلق بالإجراءات الصينية الأخيرة.
وسبق أن سعت مجموعة الدول السبع التي تضم أغنى ديمقراطيات، يوم 11 سبتمبر 2021، لثني روسيا عن غزو أوكرانيا، ووضعت جبهة موحدة للتحذير من العواقب الوخيمة لأي توغّل، وحثّت موسكو على العودة إلى طاولة المفاوضات. جاءت هذه المساعي في أعقاب اجتماع الاتحاد الأوروبي ووزراء خارجية فرنسا وإيطاليا وألمانيا واليابان وكندا في مدينة ليفربول بشمال إنجلترا بقيادة وزيرة الخارجية البريطانية، ليز تروس، ووزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكي.
يأتي اجتماع مجموعة السبع في الوقت الذي يخشى فيه الغرب من الطموحات العسكرية والاقتصادية للصين، واحتمال فشل المحادثات لمنع إيران من اتباع طريق للأسلحة النووية، ومع حشد روسيا لقواتها على الحدود الأوكرانية. لعبت بريطانيا كفاعل سياسي رابع مستقل للعلاقات الدولية، جنباً إلى جنب مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، في الأزمة السياسية في أوكرانيا منذ بدايتها خلال عام (2014)، وفي إيجاد طرق سريعة وفعالة من أجل من حلها.
يذكر أنّ العلاقات الثنائية بين المملكة المتحدة وروسيا، كانت تحت تأثير الأزمة الأوكرانية، أمام العداء بين الولايات المتحدة وروسيا. هناك العديد من العوامل التي أعاقت الأزمة منذ البداية والتي من الممكن استخدامها لتحسين العلاقات الثنائية في المستقبل القريب.
شهدت العلاقات البريطانية الروسية الكثير من التحديات، وكان موقف بريطانيا واضحاً من الاضطرابات الأوكرانية في بداية عام 2014، وضم القرم، الانضمام الذي يُنظر إليه على أنه انتهاك للقانون الدولي، وتدخل روسيا في النزاع في الأراضي الشرقية لأوكرانيا، وفرض عقوبات الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ضد روسيا. وبدون شك هنالك تأثير للأزمة الأوكرانية على تعزيز "العلاقات الخاصة" الأنجلو أمريكية، وإحياء الدور الاستراتيجي للناتو كأداة لمواجهة روسيا، ليس فقط في هذا الصراع، ولكن أيضاً على المسرح العالمي. هنالك إجماع بإلحاق الضرر بالعلاقة بين المملكة المتحدة وروسيا، جرّاء الأزمة الأوكرانية عززت المشاركة البريطانية في هذه الأزمة مكانة بريطانيا في العالم.
قال وزير الدفاع البريطاني، يوم 31 ديسمبر 2021، وفقاً لتقرير الـ BBC إنكليزي، بعنوان "لن يتم نشر القوات البريطانية في أوكرانيا للدفاع ضد روسيا": إن بريطانيا وحلفاءها "من المستبعد للغاية" إرسال قوات للدفاع عن أوكرانيا إذا غزت روسيا البلاد. قال بن والاس لمجلة Spectator: "لا يجب أن نخدع الشعب، الأوكرانيون يدركون ذلك". وتأتي هذه التطورات بعد أن اتخذت روسيا بنقل آلاف القوات بالقرب من الحدود الشرقية لأوكرانيا، مما دفع القوى الغربية إلى حثّ الرئيس فلاديمير بوتين على تهدئة التوترات. وفي هذا السياق طالبت روسيا، يوم 31 ديسمبر 2021، بفرض قيود صارمة على أنشطة تحالف الناتو العسكري بقيادة الولايات المتحدة في دول شرق أوروبا.
لعبت أوكرانيا منذ فترة طويلة دوراً مهماً، ولكن تم تجاهله في بعض الأحيان، في نظام الأمن العالمي. واليوم، تقف البلاد في الخطوط الأمامية لتنافس متجدد بين القوى العظمى يقول العديد من المحللين إنه سيهيمن على العلاقات الدولية في العقود المقبلة.
سعت المملكة المتحدة منذ عام 2014 إلى تعزيز تعاونها الاقتصادي والدفاعي مع أوكرانيا مع تحسين الموقف الأوكراني كدولة قادرة على احتواء الصراع مع المتمردين المدعومين من روسيا في الجزء الشرقي الأقصى من البلاد، وحتى بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
تدعم المملكة المتحدة أوكرانيا من خلال المساعدات العسكرية الثنائية المباشرة، بالتزامن مع ذلك، وافقت الحكومة البريطانية على نشر مستشارين عسكريين لتدريب القوات المسلحة لأوكرانيا، وقد وصلت المجموعة الأولى من المستشارين العسكريين إلى غرب أوكرانيا في فبراير 2015. ويمكن اعتبار برامج التدريب البريطانية واحداً من أهم البرامج.
أدركت الحكومة البريطانية أن أوكرانيا يمكن أن تصبح شريكاً مهماً في نطاق سياستها "بريطانيا العالمية"، حيث تعمل كشريك أوروبي خارج الاتحاد الأوروبي. وفي قمة الناتو، 2014 في ويلز، هدفت المملكة المتحدة إلى تحسين مبادرات الحلف فيما يتعلق بالقوات الاستطلاعية المشتركة لعمليات الانتشار في المنطقة، ولا سميا في الجناح الشرقي لحلف الناتو، ودعم الاقتراح الأمريكي لفريق عمل مشترك عالي الاستعداد.
وجدت أوكرانيا أحد داعميها البارزين في المملكة المتحدة على الرغم من الخطاب المتكرر من روسيا ضد مكانة بريطانيا في العالم، ما يزال المتخصصون في الدفاع الروسي ينظرون إلى المملكة المتحدة على أنها لاعب رئيس "على استعداد للذهاب إلى الحافة" بالنسبة لأوكرانيا والنظام الدولي القائم على القواعد مع "تحفظات أقل بشأن مواجهة روسيا من بعض الدول الأوروبية الأخرى الأعضاء في الناتو".
الحكومة البريطانية أحد شركاء أوكرانيا الاستراتيجيين لسياسة خارجية تبحث عن حلفاء وشركاء جدد خارج الاتحاد الأوروبي. إن تعزيز العلاقات مع أوكرانيا هو وسيلة للحكومة البريطانية لإظهار كيف يمكن للمملكة المتحدة إعادة تأكيد مكانتها كمساهم أوروبي رائد في أمن المنطقة الأوروبية الأطلسية وداعم رئيس للنظام الدولي القائم على القواعد.
ليفانت ـ جاسم محمد
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!