-
بوتين يخسر رهان تأمين حدود روسيا.. والناتو يكسب أعضاءً جدد
أمر بوتين في الرابع والعشرين من فبراير الماضي، بغزو الأراضي الأوكرانية، والتي كان يأمل منها الرئيس الروسي بحماية الحدود الروسية من حلف الناتو، عقب إعلان أوكرانيا عزمها على الانضمام إلى الحلف الغربي.
لكن آمال الرئيس الروسي من ذلك الغزو ارتدت عليه، فقد أفادت صحيفة "التايمز" البريطانية، منتصف أبريل الماضي، نقلا عن مصادر مطلعة بأن السويد وفنلندا تعتزمان الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي "الناتو"، وقال مسؤولون أمريكيون للصحيفة إن "روسيا ارتكبت خطأ استراتيجياً فادحاً، حيث تبدو فنلندا والسويد على أهبة الاستعداد للانضمام إلى الناتو هذا الصيف".
في السويد
ففي السويد، أطلق الحزب الحاكم في السويد، نقاشاً داخلياً حول التقدّم بطلب الانضمام للناتو، وهو أمر لم يكن مطروحاً في السابق، لكنه بات يلقى تأييداً متزايداً في السويد على خلفية التوتر في أوروبا، علماً أنه لطالما قد عارض الاشتراكيون الديمقراطيون (يسار وسط)، بقيادة رئيسة الوزراء ماغدالينا أندرسون الانضمام إلى الحلف، إلا أن الأزمة الأوكرانية أشعلت نقاشاً في المملكة الإسكندنافية.
اقرأ أيضاً: هجوم روسيا على دونباس يفقد زخمه.. وضربة جوية في لفيف
وبعدما أشارت في البداية إلى أن عدم الانحياز "خدم مصالح السويد أيضاً"، أكدت رئيسة الوزراء بأنها مستعدة لمناقشة هذه السياسة و"لم تستبعد" احتمال الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، وتضاعف التأييد للانضمام إلى الناتو منذ العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا إذ وصل إلى حوالي 50 في المئة في السويد و60 في المئة في فنلندا، وفق استطلاعات الرأي منتصف أبريل.
وقد أعلن زعيم المعارضة اليمينية أولف كريسترشون عن نيته التقدم بطلب للانضمام إلى الحلف، إذا تزعّم الغالبية البرلمانية بعد انتخابات سبتمبر، فيما طرح الحزب الديمقراطي، ثالث أكبر حزب في انتخابات 2018، فكرة العضوية بعدما كان يعارضها، كما بدأت فنلندا المجاورة والتي تتشارك حدوداً مع روسيا، بالاستعداد لقرار مشابه.
روسيا تحذر السويديين
من جهتها، انتقدت موسكو تصريحات لوزيرة خارجية السويد آن ليندي عن تهديد محتمل قد تواجهه دولتها وفنلندا من قبل روسيا، محذرة من أنها تصب في مصلحة حلف الناتو، وقالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، في حديث إلى إذاعة "سبوتنيك" في معرض تعليقها على كلام ليندي عن ضرورة منع روسيا من "تهديد السويد وفنلندا بأي شكل من الأشكال": "هذه التصريحات غير ذكية ولا تستند إلى أي حقائق وتأتي في مجرى الدعاية والاستفزاز".
اقرأ أيضاً: دبلوماسي روسي رفيع يؤكد روسيا لن تستسلم في أوكرانيا.. الأخيرة تؤكد لن تتنازل عن أراضيها
وذكرت أنه لا يمكن اعتبار تصريحات ليندي "رأياً مستقلاً"، مبدية قناعتها بأنها "لا تتماشى مع مصالح هذين الشعبين وتخدم المصالح الجماعية لحلف شمال الأطلسي بقيادة الولايات المتحدة"، على حد زعمها، في حين اقترح الكرملين انتظار خطة وزارة الدفاع الروسية بشأن تعزيز القدرات العسكرية الروسية على الحدود الغربية، وذلك تعليقاً على إمكانية نشر روسيا لأسلحة نووية في البلطيق.
استفزاز عسكري روسي
وبالتوازي مع التحذيرات الروسية، عمدت طائرة استطلاع روسية في الأول من مايو الجاري، إلى اختراق المجال الجوي السويدي لوقت قصير، وفق ما ذكرت هيئة الأركان السويدية مع مناقشة السلطات في ذلك البلد ترشحاً محتملاً لحلف شمال الأطلسي، عقب العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، وأشارت الدفاع السويدية إلى إن "طائرة روسية من طراز ايه ان-30 انتهكت المجال الجوي السويدي".
اقرأ أيضاً: زيلينسكي: روسيا تخلق أزمة غذاء في العالم
مبينةً أن فرقها تابعت الحادث برمته وقامت بتصويره، وفق فرانس برس، كما أردفت أن الطائرة حلّقت شرق جزيرة بورنهولم الدنماركية في بحر البلطيق قبل أن تتجه صوب الأراضي السويدية.
ومن طرفه، ذكر وزير الدفاع بيتر هولتكفيست إنه "من غير المقبول أبداً انتهاك المجال الجوي السويدي"، مردفاً: "إنه عمل غير مهني، ونظراً للوضع الأمني العام إنه غير مناسب على الإطلاق، السيادة السويدية يجب أن تُحترم دائماً"، وفق ما أورد عنه التلفزيون العام "اس في تي".
في فنلندا
أما في فنلندا، فقد رأى الرئيس الفنلندي، ساولي نيينيستيو، في نهاية أبريل الماضي، أن "حيوية انضمام فنلندا والسويد إلى حلف الناتو نشأت بسبب الأعمال الروسية في أوكرانيا"، وأن هذه الخطوة ستجعل شمال أوروبا "منطقة مستقرة وقوية"، وقال في حديثه لصحيفة "Ilta-Sanomat": بالطبع الوضع الأمني تغير، وينحصر التغير الأول في أن روسيا حاولت الحد من السيادة (للدول الأخرى) وإنشاء منطقة لنفوذها، والتغير الثاني هو أن روسيا استخدمت القوة العسكرية بطريقة شديدة للغاية، وعندما تتصرف الدولة المجاورة بمثل هذا الشكل فيجب أن تلفت أنظارك إليه حتمياً بالطبع".
اقرأ أيضاً: شركة رينو في روسيا تبيع أصولها للدولة الروسية
وأضاف: "أظهرت المطالب الروسية في ديسمبر الماضي، أن روسيا لا تنظر إلينا كما كانت تنظر إلينا سابقاً، أي كدولة غير منحازة عسكرياً، وقوة استقرار ذات سيادة كاملة، لكنها تعتبرنا بمعنى أو بآخر دولة تنتمي إلى مجال نفوذها أو منطقة لا يهتم بها الآخرون"، وتابع أن فنلندا والسويد بهذا الصدد يجب أن تحددا موقفهما الخاص بشكل مستقل، وأوضح: "إذا انضمت فنلندا والسويد إلى حلف الناتو فسيكون لدينا نوع جديد من الشمال وهو الشمال المسؤول والمستقر والقوي".
النوايا تتحول إلى حقائق
وتحولت التخمينات والتصريحات حول انضمام الدولتين من عدمهما إلى الناتو، رويداً رويداً إلى وقائع عملية، فأبلغ الرئيس الفنلندي، سولي نينيستو، في منتصف مايو الجاري، خلال محادثة هاتفية، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بأن بلاده تعتزم الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو) وستتخذ قرارها في الأيام المقبلة.
وجاء في بيان صادر عن المكتب الصحفي للرئاسة الفنلندية، بالرابع عشر من مايو: "أبلغ الرئيس نينيستو الرئيس بوتين بمدى تغير الوضع الأمني لفنلندا بشكل جذري.. وأن فنلندا ستتخذ في الأيام المقبلة قرارا للحصول على عضوية في الناتو"، ووفقاً للبيان فإن الرئيس الفنلندي أشار إلى ما كان قد أبلغ به الرئيس الروسي خلال اجتماعهم الأول في عام 2012، حيث يعتبر أن كل دولة مستقلة مسؤولة عن أمنها، وأضاف البيان: "هذا هو بالضبط ما يحدث الآن، من خلال الانضمام إلى حلف الناتو، تعزز فنلندا أمنها وتتحمل المسؤولية".
اقرأ أيضاً: نواب سويديون وفنلنديون يناقشون عضوية الناتو.. روسيا تحذّر فنلندا
وخطت فنلندا، عملياً نحو الانضمام، فأعلنت في الخامس عشر من مايو، العزم على تقديم طلب للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، وفق ما أعلنه رئيسها ورئيسة الوزراء، بينما سارت السويد على درب الانضمام للناتو، فأعلنت رئيسة وزراء السويد ماغدالينا أندرسون، الاثنين\السادس عشر من مايو، أن بلادها قررت التقدم بالانضمام إلى حلف شمال الأطلسي.. وهو ما يعني أن بوتين قد خسر في رهانه على ترهيب الدول المجاورة لروسيا، عبر غزو أوكرانيا، خاصة وأن القوات الروسية تكابد ما تكابده هناك، نتيجة المقاومة الأوكرانية والسلاح المتدفق على كييف من كل حدب وصوب.
ليفانت-خاص
إعداد وتحرير: أحمد قطمة
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
قطر تغلق مكاتب حماس
- November 11, 2024
قطر تغلق مكاتب حماس
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!