-
الوضع المتدهور للإقتصاد يحد من أعمال إيران العدائية ضد واشنطن
استفسرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، عما إذا كان الوضع السيئ للاقتصاد الإيراني، سيحد من قدرة طهران على التصعيد ضد الولايات المتحدة، واستعرضت في تقرير لمراسلها «بيتر غودمان» الحالة المتدهورة لاقتصاد نظام الملالي، موضحة أن الأزمة الاقتصادية الخانقة تضع النظام أمام اختيارات وسنياريوهات أحلاها مر.
ونوّه التقرير إلى أن إيران تعاني أزمة اقتصادية خانقة، حيث باتت الوظائف نادرة، وأسعار المواد الغذائية في ارتفاع مع انكماش اقتصادي سريع، فيما يشعر الإيرانيون بالضجر بشكل متزايد، وقال إن العقوبات المشددة التي فرضتها إدارة الرئيس دونالد ترامب، وقيّدت وصول طهران إلى الأسواق الدولية، أضرت بالاقتصاد الذي ينكمش الآن بمعدل 9.5%، وفق تقديرات صندوق النقد الدولي.
وتابع: «وفقًا لصحيفة أكسفورد إيكونوميكس، بلغت صادرات النفط فعليًا مستوى الصفر في ديسمبر، حيث إن العقوبات منعت المبيعات، على الرغم من أن المهربين نقلوا كميات غير معروفة»، مشيراً إلى أن هذا الوضع الاقتصادي القاتم ربما يخفف من استعداد إيران لتصعيد الأعمال العدائية مع الولايات المتحدة، حيث يدرك قادتها أن الحرب يمكن أن تستنزف ثرواتها الوطنية.
ووفق الصحيفة، «في الأشهر الأخيرة، برز الغضب الشعبي من البطالة والتعثر الاقتصادي والفساد كتهديد وجودي محتمل لنظام إيران المتشدد»، وذكر أنه برغم نجاح الملالي في توجيه مشاعر الغضب تلك إلى غضب من الإدارة الأمريكية عقب تصفية قائد فيلق القدس بالحرس الثوري قاسم سليماني، إلا أن اعتراف الحكومة بمسؤوليتها عن إسقاط الطائرة الأوكرانية الذي أودى بحياة 176 شخصاً كانوا على متنها، أعاد الاحتجاجات ضد النظام من جديد.
ونوّه إلى أن الغضب في الشوارع، كان انعكاساً لمظالم أكبر مثل تقلص سبل العيش والاضطراب المالي، والشعور بأن النظام عاجز عن مواجهة المشاكل الهائلة، وكشف التقرير: أن الضربات الصاروخية التي أطلقتها إيران على القواعد الأمريكية في العراق الأسبوع الماضي، رداً على مقتل سليماني كانت محسوبة بدقة لتمكين قادتها من إعلان الثأر دون إثارة رد فعل شديد من الرئيس ترامب، مضيفاً: "قادة إيران يدركون أن الأعمال العدائية مع أقوى قوة عسكرية على الأرض ستجعل الحياة أكثر صعوبة للإيرانيين العاديين، بما قد يتسبب في مزيد من ضعف العملة وتفاقم التضخم، وتهديد ما تبقى من الصناعة الوطنية، وإثارة الغضب الشعبي ضد القيادة".
وشدد «نيويورك تايمز»: أن الصراع سيؤدي إلى ضغط على السيولة المالية في البنوك المحلية، بما يضع الشركات في محنة، خاصة أن كثيرا من الشركات الإيرانية تجنبت الانهيار بفعل زيادة الائتمان من البنوك، ويوضح التقرير أنه «تعتمد العديد من الشركات الإيرانية على البضائع المستوردة لصنع وبيع المنتجات، من الآلات إلى الصلب إلى الحبوب، فإذا مانخفضت عملة إيران أكثر، فسوف يتعين على تلك الشركات أن تدفع أكثر مقابل هذه السلع، وبالتالي يتعين على البنوك إما تقديم المزيد من القروض، أو تنهار الشركات، مما يضيف المزيد إلى صفوف العاطلين عن العمل».
وأردف: «يمول البنك المركزي الإنفاق الحكومي، وسد الثغرات في ميزانية ممزقة للحد من الغضب الشعبي، بسبب تخفيضات الإنفاق»، وهذا كما يؤكد تقرير الصحيفة «يستلزم طباعة النقود الإيرانية، مما يزيد من الضغوط على العملة. ويمكن أن تدفع الحرب الإيرانيين الأكثر ثراءً إلى سحب الأصول من البلاد، مما يهدد بمزيد من الانخفاض في العملة وانفلات التضخم».
ويشير التقرير أنه «باختصار، هذا هو الخيار غير المستساغ الذي يواجه القيادة الإيرانية: إما الحفاظ على الاقتصاد عن طريق الاستمرار في توجيه الائتمان للبنوك والصناعة، مما يزيد من مخاطر حدوث كارثة مصرفية في نهاية المطاف والتضخم المفرط، أو اختيار التقشف الذي قد يتسبب في معاناة عامة فورية، مما يهدد بمزيد من المظاهرات في الشوارع».
واستكملت الصحيفة الأمريكية: «على الرغم من أن هذه الحقائق تحد من رغبة إيران في التصعيد، إلا أن بعض الخبراء يشيرون إلى أن المتشددين في النظام قد يستخدمون في نهاية المطاف الأعمال العدائية مع الولايات المتحدة كوسيلة لتحفيز الاقتصاد المنكوب»، مضيفا: بعد أن تم عزلها عن المستثمرين والأسواق الدولية، ركزت إيران في السنوات الأخيرة على صياغة ما يسمى باقتصاد المقاومة الذي استثمرت فيه الدولة بقوة، ودعمت من خلاله الصناعات الإستراتيجية، كي تحل بالإنتاج المحلي محل السلع المستوردة، وفقا لـ «نيويورك تايمز».
ويرجح الاقتصاديون إن تلك الإستراتيجية لم تكن فعالة، مما زاد من الضغوط على ميزانية إيران والنظام المصرفي، لكن يبدو أنها زادت من فرص العمل، وقد يرى المتشددون في التصعيد مع الولايات المتحدة، كفرصة لتوسيع اقتصاد المقاومة مع تأجيج الغضب القومي المفيد سياسيا، كما يؤكد التقرير..
وأشار التقرير عن ياسمين ماثر، أستاذة الاقتصاد السياسي بجامعة أكسفورد، قولها: سيكون هناك من يجادل بأنه لا يمكننا الحفاظ على الوضع الحالي، إذا لم تكن لدينا حرب، بالنسبة للحكومة الإيرانية، العيش في أزمة أمر جيد، طالما الأمر جيد، لأنه يمكنك إلقاء اللوم في جميع المشكلات الاقتصادية على العقوبات، أو على التهديد الخارجي للحرب، في العامين الأخيرين، بحثت إيران عن مغامرات كوسيلة لتحويل الانتباه عن المشكلات الاقتصادية.
ويعتبر قادة إيران هدف بقائهم في السلطة فوق أي هدف، موضحاً أنه إذا كانت المواجهة مع القوى الخارجية تبدو واعدة كوسيلة لتعزيز قبضتهم على السلطة، فقد يقبلون بالألم الاقتصادي كتكلفة ضرورية، ونقل سانام فاكيل، نائبة مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في تشاتام هاوس، قولها: المتشددون على استعداد لإفقار الناس للبقاء في السلطة، نظام الملالي لا يتخذ قرارات تستند إلى نتائج اقتصادية بحتة.
وأنهت «نيويورك تايمز» تقريريها بالقول: في الوقت الحالي، يسعى النظام إلى قمع المظاهرات بشرطة مكافحة الشغب ونصح المتظاهرين بالعودة إلى ديارهم، لكن إذا استمر الغضب الشعبي، فقد يلجأ المتشددون إلى تحدي المصالح الأمريكية على أمل أن تجبر المواجهة الرئيس ترامب على التفاوض بشأن صفقة تهدف إلى إلغاء العقوبات، لافتا إلى أن إيران قد تهدد مرور سفن تحمل النفط عبر مضيق هرمز، موضحا أن ذلك قد يرفع سعر السلعة الحيوية، وهو أمر قد يحد من النمو الاقتصادي العالمي، بما يمثل مشكلة للرئيس ترامب في عام الانتخابات الرئاسية.
ليفانت-وكالات
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
من وحي الساحات في سوريا
- December 19, 2024
من وحي الساحات في سوريا
ليفانت-خاص
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!