الوضع المظلم
الجمعة ٢٠ / سبتمبر / ٢٠٢٤
Logo
الصين تُعقد عودة واشنطن إلى الشرق الأوسط
الصين واشنطن

فيما تسعى إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن للعودة إلى سياسات عهد أوباما في الشرق الأوسط، تجد تلك السياسات طريقاً معقداً نتيجة دور بكين المتزايد كلاعب سياسي مؤثر في المنطقة، إذ أضحت الشريك التجاري الأكبر للدول العربية في النصف الأول من عام 2020، وتجاوز التبادل التجاري 115 مليار دولار، منها شراكات استراتيجية شاملة مع 12 دولة عربية.  الصين 


وانتهت دراسة استقصائية جديدة أجراها "الباروميتر العربي"، إلى أن بكين ينظر لها على أنها أكثر إيجابية من الولايات المتحدة، وتمكنت الشبكة البحثية التي تتخذ من جامعة برينستون مقرا لها، من استطلاع آراء لمواطنين في 6 دول عربية هي الجزائر، الأردن، لبنان، ليبيا، المغرب وتونس وذلك لقياس مواقفهم تجاه الصين والولايات المتحدة.


وقد وضعت الحكومة الصينية من مبادرة الحزام والطريق كجزاء رئيسي من خطة انتشارها الإقليمي في المنطقة، وهي المبادرة التي تسعى إلى توسيع التجارة العالمية عبر إنشاء شبكات من الطرق والموانئ والمرافق الحيوية الأخرى عبر دولة عديدة في قارات آسيا وإفريقيا وأوروبا. 


اقرأ أيضاً: البنتاغون: لدينا وجود قوي في الشرق الأوسط للردّ على أي تهديد


ورغم انتقاد الولايات المتحدة لخطة تقديم القروض للدول النامية التي تكافح لسدادها، بيد أن 18 دولة في المنطقة انضمت لتلك المبادرة بما فيها إسرائيل الحليف الرئيسي لواشنطن في المنطقة.


وعبر تلك المبادرة التي تبلغ قيمتها تريليون دولار، استثمرت بكين في كل أنحاء آسيا وأوروبا وأفريقيا وذلك "لربط كل هذه القارات من خلال بناء أو المساعدة في بناء أو المساعدة في تمويل الموانئ والقواعد العسكرية، وإقامة شراكات اقتصادية واستراتيجية قوية مع دول الشرق الأوسط الكبير" كما يقول رئيس الجغرافيا السياسية بمعهد أبحاث السياسة الخارجية في بنسلفانيا، روبرت دي كابلان، في تصريحه لموقع "فويس أوف أميركا".


ولفت كابلان إلى أن بكين بمقدورها الهيمنة على طريقة التجارة الأفرو-أوراسيا، من خلال ربط أوروبا بشرق آسيا عبر الشرق الأوسط.


وعقب سنوات من الحروب الطاحنة في العراق وأفغانستان، تقلص الدعم للمشاركة العسكرية الأجنبية في المنطقة بين أعضاء الحزبين السياسيين الأميركيين، واعتبر الرئيس السابق باراك أوباما ذات مرة المنطقة بأنها تعاني من صراعات تعود إلى آلاف السنين، فيما طالب دونالد ترامب مراراً وتكراراً بتخلي الولايات المتحدة عن "الحروب الأبدية". 


الخارجية الصينية


وفي الصدد قال المحاضر في كلية الدبلوماسية والعلاقات الدولية بجامعة كنتاكي، روبرت فارلي: "أعتقد أن الأميركيين كانوا يشكون منذ عقدين أو 3 عقود، من أن الشرق الأوسط يصرف الانتباه عن الأشياء التي نحتاج حقاً إلى الالتزام بها"، فيما يشير المحللون إن المنافسة الشرسة بين الصين والولايات المتحدة مكنت رغبة واشنطن في تقليل الأهمية الاستراتيجية للشرق الأوسط، والتي كان البعض يضغط من أجلها منذ سياسة إدارة أوباما "المحورية نحو آسيا" قبل 10 سنوات.


وقد جادل كابلان أنه فيما تملأ بكين فراغ الشرق الأوسط، فإنها ستشكل في النهاية تهديداً للولايات المتحدة، قائلاً: "إنه تهديد لأن معظم الحديث في واشنطن خلال السنوات القليلة الماضية هو أننا بحاجة إلى الانسحاب من الشرق الأوسط، لأننا شاركنا هناك في ما يسمى بالحروب التي لا نهاية لها، وإذا انسحبنا حقاً، أو حتى الانسحاب الجزئي من الشرق الأوسط سيفتح مجالاً واسعاً من الفرص للصينيين". 


وفيما بكين سعيدة بالعمل مع كل من خصوم وأصدقاء واشنطن في المنطقة، فإن علاقتها بإيران تحمل أهمية خاصة لكلا الطرفين، فبسبب العقوبات والعزلة المتزايدة على الساحة العالمية، لجأت طهران إلى بكين للحصول على دعم اقتصادي وعسكري، فيما تبحث بكين عن موارد طاقة أرخص.


وعقب زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ، عقد البلدان ما يسمى بالشراكة الاستراتيجية الشاملة في عام 2016، مما منح بكين موطئ قدم في منطقة كانت الشغل الشاغل للولايات المتحدة منذ عقود، وهو ما يعقب عليها الأستاذ المساعد في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية في جامعة جاجيلونيان البولندية، فويتشيتش ميشنيك، بالقول إن إيران من بين القوى المؤثرة في الشرق الأوسط هي الشريك الطبيعي للصين. 


مضيفاً: "إيران قوة مهمة للغاية، خاصة بعد التدخل الأميركي في العراق عام 2003، اكتسبت إيران من حيث القوة النسبية في المنطقة"، متابعاً: "إنها تستخدم وكلائها من سوريا إلى اليمن"، فيما تعتبر الصين حالياً الشريك التجاري الأكبر لإيران، بجانب كونها أكبر سوق تصدير لإيران للمنتجات غير النفطية ومصدر مهم للاستثمار الأجنبي. 


وبينما كانت التجارة الثنائية بين الجانبين تقدر بـ 400 مليون دولار فقط في عام 1994، ارتفعت إلى 2.48 مليار دولار في عام 2000، ومع حلول العام 2019، وصل التبادل التجاري بين بكين وطهران إلى أكثر من 23 مليار دولار، بزيادة تقارب 10 أضعاف، تبعاً للمعطيات الصادرة عن وزارة التجارة الصينية.


وفيما يشكك الخبراء في أن الولايات المتحدة سوف تنفصل بأي طريقة جوهرية عن الشرق الأوسط، فمن المتوقع أن تتحول مصالح واشنطن من التركيز على الإرهاب إلى التركيز على النفوذ الإقليمي المتزايد للصين، إذ قال فارلي: "نعم. نحن بحاجة إلى مواجهة الصين، لكننا الآن بحاجة إلى الاهتمام بالشرق الأوسط، ليس بسبب الإرهاب، ولكن بسبب نفوذ الصين المتزايد في إيران، وعلاقة الصين المتطورة مع السعودية".


مشيراً إلى أن هذا التحول بالتفكير ينعكس في أجزاء أخرى من مجتمع الأمن القومي الأميركي، حيث بدأ المحللون في إعادة تعريف معنى المشاركة الأميركية في سياق الدبلوماسية الخارجية القوية لبكين.


ليفانت-وكالات

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!